البسمة الدائمة
منتدى البسمة الدائمة
البسمة الدائمة
منتدى البسمة الدائمة
البسمة الدائمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
البسمة الدائمة

منتدى عام يحب رؤية البسمة على وجوه جميع الأعضاء
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى يمنع وضع الموسيقى ووضع الصور النسائية حتى لو كانت كرتونية في التواقيع والمواضيع والصور الرمزية والشخصية
المواضيع الأخيرة
» عيد مبارك
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2016 12:10 am من طرف امنية

» كريات اللحم المقلية مع البصل.
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 22, 2016 8:32 pm من طرف امنية

» تهنأةللناجحين
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:13 am من طرف هدوء

» خلق الله
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:12 am من طرف هدوء

»  سبب الكدب
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:10 am من طرف هدوء

» مملكة ابلا
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:09 am من طرف هدوء

»  عنكبوت البحر.
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:08 am من طرف هدوء

» سؤال و جواب
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:07 am من طرف هدوء

» طريقة تحضير ورق عنب باللحم
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 14, 2016 7:18 pm من طرف امنية

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
تصويت
ما رأيك بالمنتدى
جيد
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Vote_rcap94% المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Vote_lcap
 94% [ 34 ]
متوسط
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Vote_rcap3% المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Vote_lcap
 3% [ 1 ]
ضعيف
 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Vote_rcap3% المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Vote_lcap
 3% [ 1 ]
مجموع عدد الأصوات : 36

 

  المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
nadaa
شعلة المنتدى
شعلة المنتدى
nadaa


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 2361
نقاط : 28593
السٌّمعَة : 116
تاريخ التسجيل : 06/08/2011

 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Empty
مُساهمةموضوع: المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام    المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2011 7:03 pm

{ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }
قوله تبارك وتعالى: {أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ...}
القرن ثمانون سنة. وقد قال بعضهم: سبعون.
{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ }
وقوله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً...}
فى صورة رجل؛ لأنهم لا يقدرون علىالنظر إلى صُورة المَلَك.
{ قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
وقوله: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ...}
إن شِئت جعلت (الرحمة) غاية كلام، ثم استأنفت بعدها (ليَجْمَعَنَّكم) وإن شِئت جعلته فى موضع نصب؛ كما قال: {كَتَب ربكم على نفسِهِ الرحمة أَنه من عمل مِنكم} والعرب تقول فى الحروف التى يَصْلح معها جواب الأَيْمان بأن المفتوحة وباللام. فيقولون: أرسلت إليه أن يقوم، وأرسلت إليه ليقومنّ. وكذلك قوله: {ثم بدا لهم مِن بعدِ ما رأَوُا الآياتِ ليسجُنُنَّهُ} وهو فى القرآن كثير؛ ألا ترى أنك لو قلت: بدا لهم أن يسجنوه كان صوابا.
المعاني الواردة في آيات سورة ( الأنعام )

{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ }
وقوله: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ...}
مخفوض فى الإعراب؛ تجعله صفة من صفات الله تبارك وتعالى. ولو نصبته على المدح كان صوابا، وهو معرفة. ولونويت الفاطرَ الخالِق نصبته على القطع؛ إذ لم يكن فيه ألف ولام. ولو استأنفته فرفعته كان صوابا؛ كما قال: (ربُّ السمواتِ والأَرضِ وما بينهما الرحمن).
{ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }
وقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ...}
كلُّ شىء قهر شيئا فهو مُسْتعلٍ عليه.
{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَاذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ اله وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
وقوله: {لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ...}
يريد: ومن بلغه القرآن من بعدكم، و(بلغ) صِلة لـ (من). ونصبت (من) بالإنذار. وقوله: {آلِهَةً أُخْرَى} ولم يقل: أُخَر؛ لأن الآلهة جمع، (والجمع) يقع عليه التأنيث؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {ولِلّهِ الأَسماءُ الحسنى} وقال الله تبارك وتعالى: {فما بال القُرونِ الأُولى} ولم يقل: الأُوَل والأوّلين. وكلّ ذلك صواب.
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

وقوله: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ...}
ذُكر أنّ عمر بن الخطاب قال لعبدالله بن سَلاَم: ما هذه المعرفة التى تعرفون بها محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: والله لأَنابِهِ إذا رأيته أعرفُ مِنى بابنى وهو يلعب مع الصبيان؛ لأنى لا أشكُّ فيه أنه محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولست أدرى ما صنع النساء فى الابن. فهذه المعرفة لصفته فى كتابهم.
وجاء التفسير فى قوله: {خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ} يقال: ليس من مؤمن ولا كافر إلا له منزل فى الجنة وأهل وأزواج، فمن أسلم وسعد صار إلى منزله وأزواجه (ومن كفر صار منزله وأزواجه) إلى من أسلم وسعد. فذلك قوله {الذِين يَرِثُون الفِردوسَ} يقول: يرثون منازل الكفار، وهو قوله: {الذِين خسِروا أنفسهم وأهليهم}.
{ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }
وقوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ...}
تقرأ: ربِّنَا وربَّنا خفضا ونصبا. قال الفرّاء: وحدّثنى الحسن بن عيَّاش أخو أبى بكر بن عياش عن الأعمش عن الشعبىّ عن علقمة أنه قرأ (واللّهِ ربَّنا) قال: معناه: والله يا ربَّنا. فمن قال (ربِّنا) جعله محلوفا به.
{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
وقوله: {وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ...}

جعلت الدار ها هنا اسما، وجُعِلت الآخِرة من صفتها، وأضيفت فى غير هذا الموضع. ومثله ممَّا يضاف إلى مثله فى المعنى قوله {إِنّ هذا لهو حَقُّ اليَقِين} والحق هو اليقين؛ كما أَنّ الدار هى الآخرة. وكذلك أتيتك بارحة الأولى، والبارحة الأولى. ومنه: يوم الخميس، وليلة الخميس. يضاف الشىء إلى نفسه إذا اختلف لفظه؛ كما اختلف الحق واليقين، والدار [و] والاخرة، واليوم الخميس. فإذا اتفقا لم تقل العرب: هذا حقُّ الحقّ، ولا يقين اليقين؛ لأنهم يتوهمون إذا اختلفا فى اللفظ أنهما مختلفان فى المعنى. ومثله فى قراءة عبدالله (وذلك الدِين القَيِّمة) وفى قراءتنا (دِين القَيِّمة) والقَيِّمُ والقَيِّمة بمنزلة قولك: رجل راوية وَهَّابة للأموال؛ ووهَّاب وراو، وشبهه.
{ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَاكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }
وقوله: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ...}
قرأها العامَّة بالتشديد. قال: حدّثنا الفراء قال حدّثنى قيس بن الربيع الاْسَدىّ عن أبى إسحاق السَبِيعىّ عن ناجية بن كعب عن علىّ أنه قرأ (يُكْذِبونك) مخفّفة. ومعنى التخفيف - والله أعلم -: لا يجعلونك كذَّابا، وإنما يريدون أن ما جئت به باطل؛ لأنهم لم يجرّبوا عليه صلى الله عليه وسلم كذبا فيكذِّبوه وإنما أكذبوه؛ أى ما جئت به كذب لا نعرفه. والتكذيب: أن يقال: كَذَبت. والله أعلم.
{ وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ }

وقوله: {فَإِن اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ...}
فافعل، مضمَرة، بذلك جاء التفسير، وذلك معناه. وإنما تفعله العرب فى كل موضع يُعرف فيه معنى الجواب؛ ألا ترى أنك تقول للرجل: إن استطعت أن تتصدق، إن رأيت أن تقوم مَعَنا، بترك الجواب؛ لمعرفتك بمعرفته به. فإذا جاء ما لا يُعرف جوابه إلا بظهوره أظهرته؛ كقولك للرجل: إن تقم تُصِب خيرا، لا بدّ فى هذا من جواب؛ لأن معناه لا يُعرف إذا طُرح.
{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }
وقوله: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ...}
(الطائر) مخفوض. ورفعه جائز (كما تقول: ماعندى من) رجل ولا امرأةٍ، وامرأةٌ؛ من رفع قال: ما عندى من رجلٍ ولا عندى امرأة. وكذلك قوله: {وما يعزُبُ عن ربِّك مِن مِثقالِ ذرةٍ} ثم قال (ولا أصغرَ مِن ذلك، ولا أَصغرُ ولا أَكبرَ، ولا أَكبرُ) إذا نصبت (أصغر) فهو فى نيَّة خفض، ومَن رفع ردّه على المعنى.
وأَمّا قوله {وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} فإنّ الطائر لا يطير إلا بجناحيه. وهو فى الكلام بمنزلة قوله (له تِسع وتسعون نعجة [ولى نعجة] أنثى)، وكقولك للرجل: كلَّمته بفِىّ، ومشيت إليه على رِجْلَىَّ، إبلاغا فىالكلام.
يقال: إنّ كل صنف من البهائم أمّة، والعرب تقول صِنْف [وصَنْف].
{ثم إِلى ربِّهِم يحشرون} حَشْرها: موتها، ثم تحشر مع الناس فيقال لها: كونى ترابا. وعند ذلك يتمنّى الكافر أنه كان ترابا مِثلها.
{ قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
وقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُكُم...}
العرب لها فى (أرأيت) لغتان، ومعنيان. أحدهما أن يسأَل الرجلُ الرجل: أرأيت زيدا بعينك؟ فهذه مهموزة. فإذا أوقعتها على الرجُل منه قلت: أرأيتَك على غير هذه الحال؟ تريد: هل رأيتَ نفسك على غير هذه الحال. ثم تثنّى وتجمع، فتقول للرجلين: أرايتماكما، وللقوم: أَرَأَيتموكم، وللنسوة: أَرَأَيْتُنَّكُنَّ، وللمرأة: أَرَأَيْتِكِ، تخفض التاء والكاف، لا يجوز إلا ذلك.
والمعنى الآخر أن تقول: أرأيتَكَ، وأنت تريد: أَخبِرْنى (وتهمزها ) وتنصب التاء منها؛ وتترك الهمز إن شئت، وهو أكثر كلام العرب، وتترك التاء موحَّدة مفتوحة للواحد والواحدة [والجميع فى] مؤنّثه ومذكّره. فتقول للمرأة: أرايتَكِ زيدا هل خرج، وللنسوة: أرايتَكُنَّ زيدا ما فعل. وإنما تركت العرب التاء واحدة لأنهم لم يريدوا أن يكون الفعل منها واقعا على نفسها، فاكتفَوْا بذكرها فى الكاف، ووجَّهوا التاء إلى المذكَّر والتوحيد؛ إذ لم يكن الفعل واقعا. وموضع الكاف نصب وتأويله رفع؛ كما أنك إذا قلت للرجل: دونك زيدا وجدت الكاف فى اللفظ خفضا وفى المعنى رفعا؛ لأنها مأمورة.

والعرب إذا أوقعَتْ فِعْل شىء على نفسه قد كُنِى فيه عن الاسم قالوا فى الأفعال التامَّة غير ما يقولون فى الناقصة. فيقال للرجل: قتلتَ نفسك، وأحسنت إلى نفسِك، ولا يقولون: قتلتَكَ ولا أحسنتَ إليك. كذلك قال الله تبارك وتعالى {فاقتلوا أنفسكم} فى كثير من القرآن؛ كقوله {وماظلمناهم ولكِن ظلموا أنفسهم} فإذا كان العفل ناقصا - مثل حسبت وظننت - قالوا: أَظُنُّنى خارجا، وأَحسِبنى خارجا، ومتى تراك خارجا. ولم يقولوا: متى ترى نفسك، ولا متى تظنّ نفسك. وذلك أنهم أرادوا أن يفرُقوا بين الفعل الذى قد يُلْغى، وبين الفعل الذى لا يجوز إلغاؤه؛ ألا ترى أنك تقول: أنا - أظن ّ- خارج، فتبطل (أظنّ) ويعمل فى الاسم فعله. وقد قال الله تبارك وتعالى {إِن الإِنسان ليطغى. أَن رآه استغنى} ولم يقل: رأى نفسه. وربما جاء فى الشعر: ضربتَكَ أو شبههُ من التامّ. من ذلك قول الشاعر:
خُذَا حَذراً يا جارتىَّ فإننى * رأيتُ جِرَان العَوْدِ قد كاد يُصْلح
لقد كان لى فى ضَرّتين عدِمتُنى * وما كنت أَلقَى من رزينة أَبرحُ
والعربِ يقولون: عدِمتُنِى، ووجدتُنى، وفقدتُنى، وليس بوجه الكلام.
{ فَلَوْلا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَاكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ }
وقوله: {فَلَوْلا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ...}
معنى (فلولا) فهلاَّ. ويكون معناها على معنى لولا؛ كأنك قلت: لولا عبدالله لضربتك. فإذا رأيت بعدها اسما واحدا مرفوعا فهو بمعنى لولا التى جوابها اللام؛ وإذا لم تر بعدها اسما فهى استفهام؛ كقوله: {لولا أَخَّرْتَنِى إلى أَجلٍ قريب [فأصدّق وأَكُن مِنَ الصالِحِين]} وكقوله: {فلولا إِن كنتم غير مدِينين [ترجِعونها إن كنتّم صادِقِين]} وكذلك (لوما) فيها ما فى لولا: الاستفهام والخبر.

{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ }
وقوله: {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ...}
يعنى أبواب الرزق والمطر وهو الخير فى الدنيا لنفتنهم فيه. وهو مثل قوله: {حتى إذا أخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفها وازَّيَّنَتْ وظنّ أَهْلُها أنهم قادِرون عليها أتاها أَمْرُنا ليلا أَوْ نهارا} ومثله {وأن لوِ استقاموا على الطرِيقةِ لأسقيناهم ماءً غدَقا لِنفتِنهم فيه} والطريقة طريقة الشِرْك؛ أى لو استمرّوا عليها فعلنا ذلك بهم.
وقوله: {فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ} المبلِس: اليائس المنقطع رجاؤه. ولذلك قيل للذى يسكت عند انقطاع حجته ولا يكون عنده جواب: قد أبلس؛ وقد قال الراجز:
يا صاحِ هل تعرف رَسْما مُكْرَسَا * قال نعم أعرِفه، وأبلسا
أى لم يُحِرْ إلىّ جوابا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nadaa
شعلة المنتدى
شعلة المنتدى
nadaa


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 2361
نقاط : 28593
السٌّمعَة : 116
تاريخ التسجيل : 06/08/2011

 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام    المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2011 7:04 pm

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَّنْ اله غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ }
وقوله: {يَأْتِيكُمْ بِهِ...}
كناية عن ذهاب السمع والبصر والختم على الأفئدة. وإذا كنيت عن الأفاعيل وإن كثرت وحَّدت الكناية؛ كقولك للرجل: إقبالك وإدبارك يؤذينى. وقد يقال: إن الهاء التى فى (به) كناية عن الهدى، وهو كالوجه الأوّل.
{ وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }
وقوله: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ...}
يقول: يخافون أن يحشروا إلى ربهم عِلْما بأنه سيكون. ولذلك فسّر المفسرون (يخافون): يعلمون.

{ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ }
وقوله: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ...}
يقول القائل: وكيف يَطْرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يدعوا ربه حتى يُنْهَى عن ذلك؟ فإنه بلغنا أن عُيَيْنة بن حِصْن الفَزَارىّ دخل على النبىّ صلى الله عليه وسلم وعنده سَلْمان وبِلال وصُهَيب وأشباههم، فقال عُيَينة: يا رسول الله لو نحَّيتَ هؤلاء عنك لأتاك أشراف قومك فأسلموا. فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}.
{ وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
وقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ...}

تكسر الألف من (أنّ) والتى بعدها فى جوابها على الائتناف، وهى فى قراءة القرّاء. وإن شئت فتحت الألف من (أنّ) تريد: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل. ولك فى (أنّ) التى بعد الفاء الكسر والفتح. فأمّا من فتح فإنه يقول: إنما يحتاج الكتاب إلى (أنّ) مرة واحد؛ ولكن الخبر هو موضعها، فلما دخلت فى ابتداء الكلام أعيدت إلى موضعها؛ كما قال: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} فلمَّا كان موقع أنّ: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم دخلت فى أوّل الكلام وآخره. ومثله: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} بالفتح. ومثله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} ولك أن تكسر (إن) التى بعد الفاء فى هؤلاء الحروف على الاستئناف؛ ألا ترى أنك قد تراه حسنا أن تقول: "كتب أنه من تولاه فهو يضله" بالفتح. وكذلك "وأصلح فهو غفور رحيم" لو كان لكان صوابا. فإذا حسُن دخول (هو) حسن الكسر.
{ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ }
وقوله: {وَلِيَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ...}
ترفع (السبيل) بقوله: (وليستبين) لأنّ الفعل له. من أنَّث السبيل قال: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}. وقد يجعل الفعل للنبىّ صلى الله عليه وسلم فتنصب السبيل، يراد به: ولتستبين يا محمد سبيلّ المجرمين.
{ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }
وقوله: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ...}

كتبت بطرح الياء لاستقبالها الألف واللام؛ كما كتب {سَنَدْعُ الزَّبَانيَةَ} بغير واو، وكما كتب {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} بغير ياء على اللفظ. فهذه قراءة أصحاب عبدالله. وذُكِر عن علىّ أنه قال: (يَقُصُّ الْحَقَّ) بالصاد. قال حدّثنا الفرّاء قال: وحدّثنى سفيان بن عُيَينة عن عمرِو بنِ دينارٍ عن رجلٍ عن ابنِ عباسٍ أنه قرأ (يقضِى بالحق) قال الفرّاء: وكذلك هى فى قراءة عبدالله.
{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
وقوله: {وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ...}
يجوز رفعها.
{ قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَاذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }
وقوله: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً...}
يقال: خُفيَة وخِفية. وفيها لغة بالواو، - ولا تصلح فى القراءة -: خُفوة وخِفوة؛ كما قيل: قد حَلّ حُبْوته وحِبوته وحِبْيته.
وقوله: {لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَاذِهِ...}
قراءة أهل الكوفة، - وكذلك هى فى مصاحفهم - "أن جِ ى ن ألف" وبعضهم بالألف (أنجانا) وقراءة الناس (أنجيتنا) بالتاء.
{ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }

وقوله: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً...}
كما فعل بقوم نوح: المطر والحجارة والطوفان {أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}: الخَسْف {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً}: يخلطكم شِيَعا ذوى أهواء.
المعاني الواردة في آيات سورة ( الأنعام )
{ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَاكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }
وقوله: {وَلَاكِن ذِكْرَى...}
فى موضع نصب أو رفع؛ بفعل مضمر؛ (ولكِن) نذكرهم (ذِكرى) والرفع على قوله (ولكن) هو (ذكرى).
{ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }
وقوله: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً...}
يقال: ليس من قوم إلاَّ ولهم عيد فهم يَلهُون فى أَعيادهم، إلا أُمَّة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإن أعيادهم بِرّ وصلاة وتكبير وخير.
وقوله: {وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ} أى ترتهن (والعرب تقول: هذا عليك بَسْل أى حرام. ولذلك قيل: أسَد باسل أى لا يُقْرَب) والعرب تقول: أعْطِ الراقِىَ بُسْلته، وهو أجر الرقية.

{ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }
قوله: {يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا...}
كان أبو بكر الصدّيق وامرأته يدعوان عبد الرحمن ابنهما إلى الإسلام. فهو قوله: {إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} أى أطِعْنا، ولو كانت "إِلى الهدى أن ائتنا" لكان صوابا؛ كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} فى كثير من أشباهه، يجىء بأَنْ، ويطرحُها.
{ وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }
وقوله: {وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ...}
مردودة على اللام التى فى قوله: {وأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ} والعرب تقول: أمرتك لتذهب (وأن تذهب) فأَن فى موضع نصب بالردّ على الأمر. ومثله فى القرآن كثير.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }
وقوله: {كُن فَيَكُونُ...}
يقال إنّ قوله: (فيكون) للصُّور خاصَّة، أى يقول للصُّور: (كُنْ فَيَكُونُ). ويقال إن قوله: (كن فيكون) لقوله هو الحقّ من نعت القول، ثم تجعل فعله {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ} يريد: يكون قوله الحقّ يومئذ. وقد يكون أن تقول: {وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ} لكل شىء فتكون كلمة مكتفِية وترفع القول بالحقّ، وتنصب (اليوم) لأنه محل لقوله الحقّ.

والعرب تقول: نِفخ فى الصورِ ونُفِخَ، وفى قراءة عبدالله: (كهيئة الطير فأنفخها فتكون طيرا بإذنى) وقال الشاعر:
لولا ابنُ جَعْدة لم يُفتَح قُهُنْدُزكم * ولا خُراسانُ حتى يُنْفَخَ الصورُ
ويقال: إن الصُّور قَرن، ويقال: هو جمع للصور ينفخ فى الصور فى الموتى. والله أعلم بصواب ذلك.
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }
وقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ...}
يقال: آزر فى موضع خفض ولا يُجْرى لأنه أعجمىّ. وقد أجمع أهل النسب على أنه ابن تارَحَ، فكأن آزر لقب له. وقد بلغنى أن معنى (آزر) فى كلامهم معوجّ، كأنه عابه بزيغه وبِعِوجه عن الحقّ. وقد قرأ بعضهم (لأبيه ازرُ) بالرفع على النداء (يا) وهو وجه حسن. وقوله: {أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً} نصبت الأصنام بإيقاع الفعل عليها.
{ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَاذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ }
وقوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ...}
يقال: جنّ عليه الليل، وأَجَنَّ، وأَجنَّه الليل وجَنّه الليل؛ وبالألف أجود إذا ألقيت (على) وهى أكثر من جنَّه الليل.
يقال فى قوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَاذَا رَبِّي} قولان: إنما قال: هذا ربّى استدراجا للحجَّة على قومه ليعيب آلهتهم أَنها ليست بشىء، وأن الكوكب والقمر والشمس أكبر منها ولسن بآلهة؛ ويقال: إنه قاله على الوجه الآخر؛ كما قال الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى. وَوَجَدَكَ ضَالاّ فَهَدَى} واحتجوا ها هنا بقول إبراهيم: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنى رَبِّى لأَكُونَنّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}.

{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }
وقوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ...}
وذلك أنهم قالوا له: أما تخاف أن تخبِلك آلهتنا لسبِّك إياها؟ فقال لهم: أَفلا تخافون أنتم ذلك منها إذ سوّيتم بين الصغير والكبير والذَكَر والأنثى أن يغضب الكبير إذ سوّيتم به الصغير. ثم قال لهم: أمن يعبد إلها واحدا أحقّ أن يأمن أم من يعبد آلهة شَتَّى؟ قالوا: من يعبد إلها واحدا، فغضبوا على أنفسهم. فذلك قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nadaa
شعلة المنتدى
شعلة المنتدى
nadaa


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 2361
نقاط : 28593
السٌّمعَة : 116
تاريخ التسجيل : 06/08/2011

 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام    المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2011 7:04 pm

{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
وقوله: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ...}
هذه الهاء لنوح: و(هدينا) من ذرِّيتِه داود وسليمان. ولو رفع داود وسليمان على هذا المعنى إذ لم يظهر الفعل كان صوابا؛ كما تقول: أخذت صدقاتِهِم لكل مائة (شاةٍ شاةً) وشاةٌ.
{ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ }
وقوله: {وَالْيَسَعَ...}
يشدّد أصحاب عبدالله اللام، وهى أشبه بأسماء العجم من الذين يقولون (والْيَسَعَ) لا تكاد العرب تدخل الألف واللام فيما لا يُجْرى؛ مثل يزيد ويعمر إلا فى شعر؛ أنشد بعضهم:
وَجَدْنا الوليد بن اليزيد مباركا * شديدا بأَحْنَاء الخِلافةِ كاهِله
وإنما أَدخل فى يزيد الألف واللام لمَّا أدخلها فى الوليد. والعرب إذا فعلت ذلك فقد أمسَّت الحرف مدحا.

{ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هؤلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ }
وقوله: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هؤلاء...}
يعنى أهل مكَّة {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً} يعنى أهل المدينة {لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ} بالآية.
{ وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ }
وقوله: {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ...}
ما عظَّموه حقّ تعظيمه. وقوله {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ} يقول: كيف قلتم: لم يُنزل الله على بشر من شىء وقد أنزلت التوراة على موسى {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ} والقِرطاس فى هذا الموضع صحيفة. وكذلك قوله: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فى قِرْطَاسٍ} يعنى: فى صحيفة.
{تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} يقول: تبدون ما تحبون، وتكتمون صفة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} أُمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول {قُلِ اللَّهُ} أى: أنزله الله عليكم. وإن شئت قلت: قل (هو) الله. وقد يكون قوله {قُلِ اللَّهُ} جوابا لقوله: {مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَى}, {قُلِ اللَّهُ} أنزله. وإنما اخترت رفع {اللَّهُ} بغير الجواب لأن الله تبارك وتعالى الذى أمر محمدا صلى الله عليه وسلم أن يسألهم: {مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ} وليست بمسألة منهم فيجابوا، ولكنه جاز لانه استفهام، والاستفهام يكون له جواب.

وقوله: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} لو كانت جزما لكان صوابا؛ كما قال {ذَرْهُمْ يأكُلُوا وَيَتَمتّعُوا}.
{ وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ }
وقوله: {وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى...}
يقال فى التفسير: إنّ أمّ القرى مَكَّة.
وقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ} الهاء تكون لمحمد صلى الله عليه وسلم وللتنزيل.
{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ }
وقوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً...}
يقال: إنها نزلت فى مسيلمة الكذَّاب، وذلك أنه ادّعى النبوّة.

{وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ} ومن فى موضع خفض. يريد: ومن أظلم من هذا ومن هذا الذى قال: سأنزل مثل ما أنزل الله. نزلت فى عبدالله بن سعد بن أبى سَرْح. وذلك أنه كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قال النبى صلى الله عليه وسلم: {وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمُ} كتب (سميع عليم) أو (عزيزحكيم) فيقول له النبى صلى الله عليه وسلم: سواء؛ حتى أملَّ عليه قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ} إلى قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} فقال ابن أبى سَرْح {فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} تعجُّبا من تفصيل خَلْق الإنسان, قال فقال له النبىّ صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزِلتْ علىّ، فشكَّ وارتدّ. وقال: لئن كان محمد صلى الله عليه وسلم صادقا لقد أوحى إلىّ (كما أوحى إليه) ولئن كان كاذبا لقد قلتُ مثل ما قال، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه: {وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ اللَّهُ}.
وقوله: {وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ} ويقال: باسطو أيديهم بإخراج أنفس الكفار. وهو مثل قوله: {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} ولو كانت (باسطون) كانت (أيدِيَهُمْ) ولو كانت "باسطو أيديهم أن أخرِجوا" كان صوابا. مثله مما تركت فيه أن قوله: {يَدْعُونَهُ إِلَى الْهدَى ائْتِنَا} وإذا طرحت من مثل هذا الكلام (أن) ففيه القول مُضمَرٌ كقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يقولون: {رَبَّنا}.
{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }
وقوله: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى...}

وهو جمع. والعرب تقول: [قوم] فرادى وفرادُ يا هذا فلا يجُرونها، شبهت بثُلاَث ورُبَاع. وفرادى واحدها فَرْد, وفرِد، وفريد، وفراد للجمع، ولا يجوز فرد فى هذا المعنى. وأنشدنى بعضهم:
ترى النُعَراتِ الزُرْق تحت لَبَانه * فُرَادَ ومثنى أصعقتها صواهِله
وقوله: {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ...}
قرأ حمزة ومجاهد (بينُكُمْ) يريد وصلكم. وفى قراءة عبدالله (لقد تقطع ما بينَكم) وهو وجه الكلام. إذا جعل الفعل لبين ترك نصبا؛ كما قالوا: أتانى دونك من الرجال فترك نصبا وهو فى موضع رفع؛ لأنه صفة. وإذا قالوا: هذا دون من الرجال رفعوه فى موضع الرفع. وكذلك تقول: بين الرجلين بين بعيد، وبون بعيد؛ إذا أفردته أجريته فى العربية وأعطيته الإعراب.
{ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ الْلَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذالِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }
وقوله: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ...}
والإصباح مصدر أصبحنا إصباحا، والأصباح صُبْح كل يوم بمجموع.
وقوله: {وَجَعَلَ الْلَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً} الليل فى موضع نصب فى المعنى. فردّ الشمس والقمر على معناه لما فرق بينهما بقوله: (سكنا) فإذا لم تفرق بينهما بشىء آثروا الخفض. وقد يجوز أن ينصب وإن لم يحل بينهما بشىء؛ أنشد بعضهم:
وبينا نحن ننظره أتانا * معلِّقَ شَكْوةٍ وزِنادَ راع
وتقول: أنت آخذٌ حقَّك وحَقِّ غيرك فتضيف فى الثانى وقد نوَّنت فى الأوّل؛ لأن المعنى فى قولك: أنت ضارب زيدا وضاربُ زيدٍ سواء. وأحسن ذلك أن تحول بينهما بشىء؛ كما قال امرؤ القيس:
فظلّ طُهاة اللحم من بينِ مُنْضِج * صفيفَ شِواءٍ أو قَدِيرٍ معجَّلِ
فنصب الصفيف وخفض القَدِير على ما قلت لك.

{ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ }
وقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ...}
يعنى فى الرحم {وَمُسْتَوْدَعٌ} فى صُلْب الرجُل. ويقرأ (فمستقِرّ) يعنى الولد فى الرحم (ومستودع) فى صلب الرجل. ورفعها على إضمار الصفة؛ كقولك: رأيت الرجلين عاقل وأحمق، يريد منهما كذا وكذا.
{ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذالِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }
وقوله: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ...}
يقول: رزق كل شىء، يريد ما ينبت ويصلح غذاء لكل شىء. وكذا جاء التفسير، وهو وجه الكلام. وقد يجوز فى العربية أن تضِيف النبات إلى كل شىء وأنت تريد بكل شىء النبات أيضا، فيكون مثل قوله: {إنّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} واليقين هو الحقّ. وقوله: {مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} الوجه الرفع فى القنوان؛ لأن المعنى: ومن النخل قِنوانه دانية. ولو نصب: وأخرج من النخل من طلعها قنوانا دانية لجاز فىالكلام، ولا يقرأ بها لمكان الكتاب.
وقوله: {وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ} نصب, إلا أن جمع المؤنث بالتاء يخفض فى موضع النصب، ولو رفعت الجنات تتبع القنوان كان صوابا.
وقوله: {وَفِى الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ} الوجه فيه الرفع، تجعلها تابعة للقطع. ولو نصبتها وجعلتها تابعة للرواسى والأنهار كان صوابا.

وقوله: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ} يريد شجرة الزيتون وشجر الرمان، كما قال: {وَاسْأَلَ الْقَرْيَةَ} يريد أهل القرية.
وقوله: {انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ} يقول: انظروا إليه أول ما يَعْقِد (وَيَنْعِهِ): بلوغه وقد قرئت (ويُنْعِهِ، ويانِعِهِ). فأما قوله: {ويُنْعِهِ} فمثل نضجه، ويانعه مثل ناضجه وبالغه.
{ وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
وقوله: {وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ...}
المقسمون الكفار. سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالآية التى نزلت فى الشعراء {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلها وحلفوا ليؤمنن, فقال المؤمنون: يارسول الله سل ربك ينزلها عليهم حتى يؤمنوا, فأنزل الله تبارك وتعالى: قل لِلذِين آمنوا: وما يشعِركم أنهم يؤمِنون. فهذا وجه النصب فى أنّ؛ وما يشعركم أنهم يؤمنون (وَ) نحن {نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا}، وقرأ بعضهم: (إنها) مكسور الألف (إذَا جَاءَتْ) مستأنفة، ويجعل قوله (وَمَا يُشْعِرُكُمْ) كلاما مكتفِيا. وهى فى قراءة عبدالله: (وما يشعِركم إذا جاءتهم أنهم لا يؤمنون).
و (لا) فى هذا الموضع صِلة؛ كقوله: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ}: المعنى: حرام عليهم أن يرجعوا. ومثله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ لاَ تَسْجُدَ} معناه: أن تسجد.

وهى فى قراءة أُبَىّ: (لعلها إِذا جاءتهم لا يؤمِنون) وللعرب فى (لعلّ) لغة بأن يقولوا: ما أدرى أنك صاحبها، يريدون: لعلك صاحبها، ويقولون: ما أدرى لو أنك صاحبها، وهو وجه جيد أن تجعل (أنّ) فى موضع لعل.
{ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }
وقوله: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ...}
هذا أمر قد كانو سألوه، فقال الله تبارك وتعالى: لو فعلنا بهم ذلك لم يؤمنوا {إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ}.
وقوله: (قُبُلاً) جمع قبيل. والقبيل: الكفيل. وإنما اخترت ها هنا أن يكون القُبُل فى معنى الكفالة لقولهم: {أَوْ تَأتِى بِاللّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً} يَضْمَنون ذلك. وقد يكون (قُبُلا): من قبل وجوههم؛ كما تقول: أتيتك قُبُلا ولم آتك دُبُرا. وقد يكون القبيل جميعا للقبيلة كأنك قلت: أو تأتينا بالله والملائكة قبيلة قبيلة وجماعة جماعة. ولو قرئت قَبَلا على معنى: معاينةً كان صوابا, كما تقول: أنا لقيته قبلا.
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }
وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ...}
نصبت العدوّ والشياطين بقوله: جعلنا.

وقوله: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} فإن إبليس - فيما ذكر - جعل فرقة من شياطينه مع الإنس، وفرقة مع الجنّ، فإذا التقى شيطان الإنسىّ وشيطان الجنىّ قال: أضللتُ صاحبى بكذا وكذا، فأضلِل به صاحبك، ويقوله له (شيطان الجنىّ) مثل ذلك. فهذا وحى بعضهم إلى بعض. قال الفرّاء: حدّثنى بذلك حيان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عباس.
{ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ }
وقوله: {وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ...}
الاقتراف: الكسب؛ تقول العرب: خرج فلان يقترف أهله.
{ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }
وقوله: {مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ...}
من الشاكّين أنهم يعلمون أنه منزل من ربك.
{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }
وقوله: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ...}
فى أكل الميتة {يُضِلُّوكَ} لأن أكثرهم كانوا ضُلاّلا. وذلك أنهم قالوا للمسلمين: أتأكلون ما قَتَلتم ولا تأكلون ما قَتَل ربّكم! فأنزلت هذه الآية {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ}.
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
وقوله: {هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ...}

(من) فى موضع رفع كقوله: {لِنَعْلَمَ أىُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} إذا كانت (من) بعد العلم والنظر والدراية - مثل نظرت وعلمت ودريت - كانت فى مذهب أىّ. فإن كان بعدها فعل لها رفعتها به، وإن كان بعدها فعل يقع عليها نصبتها؛ كقولك: ما أدرى من قام، ترفع (من) بقام، وما أدرى من ضربت، تنصبها بضربت.
{ وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ }
وقوله: {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ...}
فأما ظاهره فالفجور والزنى، وأما باطنه فالمخالّة: أن تتخذ المرأة الخليل وأن يتخذها.
{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }
وقوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ...}
يقول: أكلكم ما لم يذكر اسم الله عليه فسق أى كفر. وكنى عن الأكل، كما قال: {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} يريد: فزادهم قول الناس إيمانا.
المعاني الواردة في آيات سورة ( الأنعام )
{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
وقوله: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ...}
أى كان ضالاّ فهديناه.
وقوله: {نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} يعنى إيمانه.
{ وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ }

وقوله: {الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ...}
أى من عند الله، كذلك قال المفسرون. وهو فى العربية؛ كما تقول: سيأتينى رزق عندك، كقولك: سيأتينى الذى عند الله. سيصيبهم الصغار الذى عنده، ولمحمد صلى الله عليه وسلم أن ينزله بهم. ولا يجوز فى العربية أن تقول: جئت عند زيد، وأنت تريد: من عند زيد.
وقد يكون قوله: {صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ} أنهم اختاروا الكفر تعَزُّزا وأنَفَة من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فجعل الله ذلك صَغَارا عنده.
{ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَآءِ كَذالِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }
وقوله: {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ...}
[من] ومن فى موضع رفع بالهاء التى عادت عليهما من ذكرهما.
وقوله: (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرِجاً) قرأها ابن عبّاس وعمر (حرِجا). وقرأها الناس: حَرَجا. والحرج - فيما فسر ابن عباس - الموضع الكثير الشجر الذى لا تصل إليه الراعية. قال: فكذلك صَدْر الكافر لا تصل إليه الحكمة. وهو فى كسره وفتحه بمنزلة الوحَد والوحِد، والفَرَد والفرِد، والدنَف والدنِف: تقوله العرب فى معنى واحد.
وقوله: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَآءِ} يقول: ضاق عليه المذهب فلم يجد إلا أن يصعد فى السماء وليس يقدر. وتقرأ (كأنما يصَّاعَد) يريد يتصاعد، (ويَصْعد) مخففة.
{ وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ }
وقوله: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ...}
يقول: قد أضللتم كثيرا.
وقوله: {وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} فالاستمتاع من الإنس بالجنّ أن الرجل كان إذا فارق فاستوحش أو قتل صيدا من صيدهم فخاف قال: أعوذ بسيّد هذا الوادى، فيبيت آمنا فى نفسه. وأما استمتاع الجنّ بالإنس فما نالوا بهم من تعظيم الإنس إيّاهم، فكان الجِنّ يقولون: سُدْنا الجنّ والإنس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nadaa
شعلة المنتدى
شعلة المنتدى
nadaa


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 2361
نقاط : 28593
السٌّمعَة : 116
تاريخ التسجيل : 06/08/2011

 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام    المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2011 7:05 pm

{ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَاذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }
وقوله: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ...}
فيقول القائل: إنما الرسل من الإنس خاصّة، فكيف قال للجنّ والإنس (منكم)؟ قيل: هذا كقوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}. ثم قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من المِلْح دون العَذْب. فكأنك قلت: يخرج من بعضهما، ومن أحدهما.
{ ذالِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ }
وقوله: {ذالِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ...}

إن شئت جعلت (ذلك) فى موضع نصب، وجعلت (أن) مما يصلح فيه الخافض فإذا حذفته كانت نصبا. يريد: فعل ذلك أن لم يكن مهلك القرى. وإن شئت جعلت (ذلك) رفعا على الاستئناف إن لم يظهر الفعل. ومثله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} و {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}. ومثله: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}،و {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهُ مُوهِنُ كَيْد الْكَافِرِينَ} الرفع والنصب فيه كله جائز.
وقوله: {مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم وهم غافلون لَمَّا يأتهم رسول ولا حُجَّة. وقوله فى هود: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم، يقول: بشركهم (وأهلها مصلحون) يتعاطَون الحقَّ فيما بينهم. هكذا جاء التفسير. وفيها وجه - وهو أحبّ إلىّ من ذا؛ لأن الشرك أعظم الذنوب - والمعنى والله أعلم: لم يكن ليهلكهم بظلم منه وهم مصلحون.
المعاني الواردة في آيات سورة ( الأنعام )
{ قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }
وقوله: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ...}
(مَنْ تَكُونُ لَهُ) فى موضع رفع، ولو نصبتها كان صوابا؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {وَاللّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}.

وقوله: {مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} إذا كان الفعل فى مذهب مصدر مؤنثا مثل العاقبة، والموعظة، والعافية، فإنك إذا قدّمت فعله قبله أنَّثته وذكّرته؛ كما قال الله عزّ وجلّ: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} بالتذكير، وقال: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} بالتأنيث. وكذلك {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} {وَأَخَذَتِ} فلا تهابنّ من هذا تذكيرا ولا تأنيثا.
{ وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَاذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }
وقوله: {هَذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ...}
وبرُعْمِهم، وزِعمِهم, ثلاث لغات. ولم يقرأ بكسر الزاى أحد نعلمه. والعرب قد تجعل الحرف فى مثل هذا؛ فيقولون: الفَتْك والفُتْك والفِتك، والوُدّو الوِدّو الوَدّ، فى أشباه لها. وأجود ذلك ما اختارته القرّاء الذين يؤثر عنهم القراءة. وفى قراءة عبدالله "وهذا لشركائِهم" وهو كما تقول فى الكلام: قال عبدالله: إنّ له مالا، وإنّ لى مالا، وهو يريد نفسه. وقد قال الشاعر:
رَجْلانِ من ضَبّة أَخبرانا * إنا رأينا رجلا عريانا
ولو قال: أخبرانا أنهما رأيا كان صوابا.
{ وَكَذالِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }
وقوله: {وكذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ...}

وهم قوم كانو يخدمون آلهتهم، فزيَّنوا لهم دفن البنات وهنّ أحياء. وكان أيضا أحدهم يقول: لئن وُلد لى كذا وكذا من الذكور لأنحرنّ واحداً. فذلك قتل أولادهم. والشركاء رفع؛ لأنهم الذين زيَّنوا.
وكان بعضهم يقرأ: "وكذلك زُيِّن لِكثِيرٍ مِن المشركين قتلُ أولادِهم" فيرفع القتل أذا لم يسمّ فاعله، ويرفع (الشركاء) بفعل ينوِيه؛ كأنه قال: زيَّنه لهم شركاؤهم. ومثله قوله: (يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) ثم قال: {رجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ}. وفى بعض مصاحف أهل الشام (شركايهم) بالياء، فإن تكن مثبتة عن الأوّلين فينبغى أن يقرأ (زُيِّنَ) وتكون الشركاء هم الأولاد؛ لأنهم منهم فى النسب والميراث. فإن كانوا يقرءون (زَيَّنَ) فلست أعرف جهتها؛ إلا أن يكونوا فيها آخذين بلغة قوم يقولون: أتيتها عِشايا ثم يقولون فى تثنية (الحمراء: حمرايان) فهذا وجه أن يكونوا قالوا: "زَيَّنَ لكثيرٍ من المشركين قتل أولادِهم شركايُهُمْ" وإن شئت جعلت (زَيَّنَ) إذا فتحته فعلا لإبليس ثم تخفض الشركاء بإتباع الأولاد. وليس قول من قال: إنما أرادوا مثل قول الشاعر:
فزججتها متمكّنا * زجَّ القَلوصَ أبِى مزاد
بشىء. وهذا مِما كان يقوله نَحْويُّو أهلِ الحجاز، ولم نجد مثله فى العربية.
{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَاذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ }
وقوله: {وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَاذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا...}

وفى قراءة عبدالله "خالص لذكورنا" وتأنيثه لتأنيث الأنعام؛ لأن ما فى بطونها مثلها فأنث لتأنيثها. ومن ذكّره فلتذكير (ما) وقد قرأ بعضهم "خالصُهُ لذكورِنا" يضيفه إلى الهاء وتكون الهاء لما. ولو نصبت الخالص والخالصة على القطع وجعلت خبر ما فى اللام التى فى قوله (لِذُكُورِنَا) كأنك قلت: ما فى بطون هذه الأنعام لذكورنا خالصا وخالصةً كما قال: {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً} والنصب فى هذا الموضع قليل؛ لا يكادون يقولون: عبدالله قائما فيها، ولكنه قياس.
وقوله: {وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ} إن شئت رفعت الميتة، وإن شئت نصبتها فقلت (ميتةً) ولك أن تقول تكن ويكن بالتاء والياء.
وقد تكون الخالصة مصدرا لتأنيثها كما تقول: العاقبة والعافية. وهو مثل قوله: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}.
{ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }
وقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ...}
هذه الكروم، ثم قال: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً} فى لونه و {غَيْرَ مُتَشَابِهٍ} فى طعمه، منه حلو ومنه حامض.
وقوله: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} هذا لمن حضره من اليتامى والمساكين.
وقوله: {وَلاَ تُسْرِفُواْ} فى أن تعطوا كله. وذلك أن ثابت بن قيس خلَّى بين الناس وبين نخله، فذُهِب به كله ولم يبق لأهله منه شىء، فقال الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.

{ وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }
وقوله: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً...}
يقول: وأنشأ لكم من الأنعام حمولة، يريد ما أطاق الحمل والعمل: والفرش: الصغار.
المعاني الواردة في آيات سورة ( الأنعام )
{ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
وقوله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ...}
فإن شئت جعلت الثمانية مردودة على الحمولة. وإن شئت أضمرت لها فعلا. وقوله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} الذكر زوج، والأنثى زوج، ولورفعت اثنين واثنين لدخول (مِن) كان صوابا كما تقول: رأيت القوم منهم قاعد ومنهم قائم، وقاعد وقائما.
والمعنى قى قوله: {قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ} يقول: أجاءكم التحريم فيما حرمتم من السائبة والبَحِيرة والوَصِيلة والحام من الذكرين أم من الأنثيين؟ فلو قالوا: من قِبل الذكر حرم عليهم كل ذكر، ولو قالوا: من قبل الأنثى حرمت عليهم كل أنثى.
ثم قال: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ} يقول أم حرّم عليكم اشتمال الرحم؟ فلو قالوا ذلك لحرّم عليهم الذكر والأنثى؛ لأن الرحم يشتمل على الذكر والأنثى. و (ما) فى قوله: "أمّا اشْتَمَلَتْ" فى موضع نصب، نصبته بإتباعه الذكرين والأنثيين.

{ وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَاذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
وقوله: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ...}
يقول: أوَصَّاكم الله بهذا معاينة؟
{ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
وقوله: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً...}
ثم قال جلَّ وجهه: {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً} وإن شئت (تَكُونَ) وفى (الميتة) وجهان الرفع والنصب. ولا يصلح الرفع فى القراءة؛ لأنّ الدم منصوب بالردّ على الميتة وفيه ألف تمنع من جواز الرفع. ويجوز (أن تكون) لتأنيث الميتة، ثم تردّ ما بعدها عليها.

ومن رفع (الميتة) جعل (يكون) فعلا لها، اكتفى بيكون بلا فعل. وكذلك (يكون) فى كل الاستثناء لا تحتاج إلى فعل؛ ألا ترى أنك تقول: ذهب الناس إلا أن يكون أخاك، وأخوك. وإنما استغنت كان ويكون عن الفعل كما استغنى ما بعد إلا عن فعل يكون للاسم. فلما قيل: قام الناس إلا زيدا وإلا زيد فنصب بلا فعل ورفع بلا فعل صلحت كان تامة. ومن نصب: قال كان من عادة كان عند العرب مرفوع ومنصوب، فأضمروا فى كان اسما مجهولا، وصيّروا الذى بعده فعلا لذلك المجهول. وذلك جائز فى كان، وليس، ولم يزل، وفى أظنّ وأخواتها: أن تقول (أظنه زيد أخوك و) أظنّه فيها زيد. ويجوز فى إنّ وأخواتها؛ كقول الله تبارك وتعالى: {يَا بُنَىّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ} وكقوله: {إِنَّهُ أَنَا اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فتذكّر الهاء وتوحّدها، ولا يجوز تثنيتها ولا جمعها مع جمع ولا غيره. وتأنيثها مع المؤنث وتذكيرها مع المؤنث جائز؛ فتقول: إنها ذاهبة جاريتك، وإنه ذاهبة جاريتك.
فإن قلت: كيف جاز التأنيث مع الأنثى، ولم تجز التثنية مع الاثنين؟
قلت: لأن العرب إنما ذهبت إلى تأنيث الفعل وتذكيره، فلما جاز {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} {وَأَخَذَتِ} جازالتأنيث، والتذكير. ولما لم يجز: قاما أخواك ولا قاموا قومك، لم يجز تثنيتها ولا جمعها.
فإن قلت: أتجيز تثنيتها فى قول من قال: ذهبا أخواك؟ قلت: لا، من قِبل أنّ الفعل واحد، والألف التى فيها كأنها تدلّ على صاحِبى الفعل، والواو فى الجمع تدل على أصحاب الفعل، فلم يستقم أن يكنى عن فعل واسم فى عقدة، فالفعل واحد أبدا؛ لأن الذى فيه من الزيادات أسماء.

وتقول فى مسألتين منه يستدلّ بهما على غيرهما: إنها أسَد جاريتك، فأنثت لأن الأسد فعل للجارية، ولو جعلت الجارية فعلا للأسد ولمثله من المذكر لم يجز إلا تذكير الهاء. وكذلك كل اسم مذكّر شبهته بمؤنث فذكِّر فيه الهاء، وكل مؤنث شبهته بمذكر ففيه تذكير الهاء وتأنيثها؛ فهذه واحد. ومتى ما ذكَّرت فعل مؤنث فقلت: قام جاريتك، أو طال صلاتك، (ثم أدخلت عليه إنه) لم يجز إلا تذكيرها، فتقول: إنه طال صلاتك؛ فذكَّرتها لتذكير الفعل، لا يجوز أن تؤنث وقد ذكّر الفعل.
وإذا رأيت الاسم مرفوعا بالمحالّ - مثل عندك، وفوقك، وفيها - فأنِّثْ وذكّر فى المؤنث ولا تؤنث فى المذكر. وذلك أن الصفة لا يُقَدر فيها على التأنيث كما يقدر (فى قام) جاريتك على أن تقول: قامت جاريتك. فلذلك كان فى الصفات الإجراء على الأصل.
وإذا أخليت كان باسم واحد جاز أن ترفعه وتجعل له الفعل. وإن شئت أضمرت فيه مجهولا ونصبت ما بعده فقلت: إذا كان غدا فأتنا. وتقول: اذهب فليس إلا أباك، وأبوك. فمن رفع أضمر أحدا؛ كأنه قال: ليس أحد إلا أبوك، ومن نصب أضمر الاسم المجهول فنصب؛ لأن المجهول معرفة فلذلك نصبت. ومن قال: إذا كان غُدْوةً فأتنا لم يجز له أن يقول: إذا غدوةً كان فأتنا، كذلك الاسم المجهول لا يتقدمه منصوبه. وإذا قرنت بالنكرة فى كان صفة فقلت: إن كان بينهم شرّ فلا تقربهم، رفعت. وإن بدأت بالشر وأخرت الصفة كان الوجه الرفع فقلت: إن شر بينهم فلا تقربهم، ويجوز النصب. قال وأنشدنى بعضهم:
فعينَىَّ هلاَّ تبكيان عِفَاقا * إذا كان طعنا بينهم وعِناقا
فإذا أفردت النكرة بكان اعتدل النصب والرفع. وإذا أفردت المعرفة بكان كان الوجه النصب؛ يقولون: لو كان إلا ظله لخاب ظله. فهذه على ما وصفت لك.
{ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذالِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ }
وقوله: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ...}
حرّم عليهم الثَّرْب، وشحوم الكُلَى.
ثم قال: {إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} و (ما) فى موضع نصب بالفعل بالاستثناء. و (الحَوَايَا) فى موضع رفع، تردّها على الظهور: إلا ما حملت ظهورهما أو حملت الحوايا,وهى المباعر وبنات اللبن. والنصب على أن تريد (أو شحوم الحوايا) فتحذف الشحوم وتكتفى بالحوايا؛ كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يريد: واسأل أهل القرية.
وقوله: {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} وهى الأَلْية. و (ما) فى موضع نصب.
{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }
وقوله: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً...}

إن شئت جعلت (لاَ تُشْرِكُوا) نهيا أدخلت عليه (أن). وإن شئت جعلته خبرا و(تشِركوا) فى موضع نصب؛ كقولك: أمرتك ألاَّ تذهبَ (نَصْب) إلى زيد، وأن لا تذهبْ (جَزْم)، وإن شئت جعلت ما نسقته على (أَلاَّ تُشْرِكُوا بِه) بعضه جزما ونصبا بعضه؛ كما قال: {قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ}، فنصب أوله ونهى عن آخره؛ كما قال الشاعر:
حجَّ وأوصى بسليمى الأعبدا * ألاّ ترى ولا تكلمْ أحدا
* ولا تُمَشِّ بفَضاء بعدَا *
فنوى الخبر فى أوّله ونهى فى آخره. قال: والجزم فى هذه الآية أحبّ إلىّ لقوله: (وَأَوفُوا الْكَيْلَ). فجعلت أوّله نهيا لقوله: (وَأَوفُوا الْكَيْلَ).
{ وَأَنَّ هَاذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
وقوله: {وَأَنَّ هَاذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً...}
تكسر إنَّ إذا نويت الاستئناف، وتفتحها من وقوع (أتل) عليها. وإن شئت جعلتها خفصا، تريد {ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} و { وَأَنَّ هَاذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}.
وقوله: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ} يعنى اليهودية والنصرانية. يقول: لا تتبعوها فتضلوا.
المعاني الواردة في آيات سورة ( الأنعام )
{ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ }
وقوله: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ...}

تماما على المحسن. ويكون المحسن فى مذهب جمع؛ كما قال: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِى خُسْرٍ}. وفى قراءة عبدالله (تَمَاماً عَلَى الذِين أحسنوا) تصديقا لذلك. وإن شئت جعلت (الذى) على معنى (ما) تريد: تماما على ما أحسن موسى، فيكون المعنى: تماما على إحسانه. ويكون (أحسن) مرفوعا؛ تريد على الذى هو أحسن، وتنصب (أحسن) ها هنا تنوى بها الخفض؛ لأن العرب تقول: مررت بالذى هوخير منك، وشر منك, ولا يقولون: مررت بالذى قائم؛ لأن (خيرا منك) كالمعرفة؛ إذ لم تدخل فيه الألف واللام. وكذلك يقولون: مررت بالذى أخيك، وبالذى مثلِك، إذا جعلوا صلة الذى معرفة أو نكرة لا تدخلها الألف واللام جعلوها تابعة للذى؛ أنشدنى الكسائىّ:
إن الزُّبيرىَّ الذى مِثْلَ الحَلَمْ * مَشَّى بأسلابك فى أهل العَلَم
{ وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
وقوله: {وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ...}
جعلت مباركا نعت الكتاب فرفعته. ولونصبته على الخروج من الهاء فى (أَنْزَلْنَاهُ) كان صوابا.
{ أَن تَقُولُواْ إِنَّمَآ أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ }
وقوله: {أَن تَقُولُواْ إِنَّمَآ أُنزِلَ الْكِتَابُ...}
(أن) فى موضع نصب من مكانين. أحدهما: أنزلناه لئلا تقولوا إنما أنزل. والآخر من قوله: واتقوا أن تقولوا، (لا) يصلح فى موضع (أن) ها هنا كقوله: {يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} يصلح فيه (لا تضلون) كم قال: {سَلَكْنَاهُ فِى قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}.
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }
وقوله: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلائِكَةُ...}
لقبض أرواحهم: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ}: القيامة {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}: طلوع الشمس من مغربها.
{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }
وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ...}
قرأها عَلِىّ (فارقوا)، وقال: والله ما فرَّقوه ولكن فارقوه. وهم اليهود والنصارى. وقرأها الناس (فَرَّقُوا دِينَهُمْ) وكلّ وجه.
وقوله: {لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} يقول من قتالهم فى شىء، ثم نسختها: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} .
{ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }
وقوله: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا...}
من خفض يريد: فله عشر حسناتٍ أمثالها. ولو قال هاهنا: فله عشر مِثْلِها؛ يريد عشر حسنات مثلها كان صوابا. ومن قال: عشْرٌ أَمثالها جعلهنّ من نعت العشر. و(مثل) يجوز توحيده: أن تقول فى مثله من الكلام: هم مثلكم، وأمثالكم؛ قال الله تبارك وتعالى: {إِنكم إِذاً مثلهم} فوحَّد، وقال: {ثم لا يكونوا أَمثالكم} فجمع. ولو قلت: عَشْرٌ أمثالها كما تقول: عندى خمسةٌ أثوابٌ لجاز.
وقوله: {مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ}: بلا إله إلا الله، والسيئة: الشِّرك.

المعاني الواردة في آيات سورة ( الأنعام )
{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }
وقوله: {دِيناً قِيَماً...}
و"قَيِّما". حدّثنا محمد قال حدّثنا الفراء قال حدّثنى عمرو بن أبى المقدام عن رجل عن عمران بن حذيفة قال: رآنى أبى حذيفة راكعا قد صوّبت رأسى، قال ارفع رأسك، دينا قيما. (دينا قيما) منصوب على المصدر. و(مِلةَ إِبراهِيم) كذلك.
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }
وقوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ...}
جعلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خلائف كل الأمم {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ} فى الرزق (لِيبلوكم) بذلك (فِيما آتاكم).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بسمة المنتدى
ملكة المنتدى
ملكة المنتدى
بسمة المنتدى


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5265
نقاط : 33316
السٌّمعَة : 169
تاريخ التسجيل : 05/08/2011

 المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام    المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2011 7:24 pm

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المعاني الواردة في آيات سورة الأنعام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البسمة الدائمة :: المنتدى الإسلامي :: القرآن الكريم-
انتقل الى: