البسمة الدائمة
منتدى البسمة الدائمة
البسمة الدائمة
منتدى البسمة الدائمة
البسمة الدائمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
البسمة الدائمة

منتدى عام يحب رؤية البسمة على وجوه جميع الأعضاء
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى يمنع وضع الموسيقى ووضع الصور النسائية حتى لو كانت كرتونية في التواقيع والمواضيع والصور الرمزية والشخصية
المواضيع الأخيرة
» عيد مبارك
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2016 12:10 am من طرف امنية

» كريات اللحم المقلية مع البصل.
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 22, 2016 8:32 pm من طرف امنية

» تهنأةللناجحين
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:13 am من طرف هدوء

» خلق الله
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:12 am من طرف هدوء

»  سبب الكدب
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:10 am من طرف هدوء

» مملكة ابلا
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:09 am من طرف هدوء

»  عنكبوت البحر.
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:08 am من طرف هدوء

» سؤال و جواب
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:07 am من طرف هدوء

» طريقة تحضير ورق عنب باللحم
موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 14, 2016 7:18 pm من طرف امنية

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
تصويت
ما رأيك بالمنتدى
جيد
موسوعة أخلاق القرأن Vote_rcap94%موسوعة أخلاق القرأن Vote_lcap
 94% [ 34 ]
متوسط
موسوعة أخلاق القرأن Vote_rcap3%موسوعة أخلاق القرأن Vote_lcap
 3% [ 1 ]
ضعيف
موسوعة أخلاق القرأن Vote_rcap3%موسوعة أخلاق القرأن Vote_lcap
 3% [ 1 ]
مجموع عدد الأصوات : 36

 

 موسوعة أخلاق القرأن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:45 pm

1/ العزيمة
2/ الإرادة
3/ الإشفاق
4/ حسن الظن
5/ الصفح
6/ الإعتصام بالله
7/ الفرح بفضل الله
8/ سلامة القلب
9/ المعرفة
10/ الحياة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:46 pm

1/ الـــــعــــزيــــــــــمــــــــــة

العزيمة هي القصد المؤكد، وقوة الإرادة؛
قال في (القاموس): (عزم على الأمر، يعزم عزماً، ويُضم، ومَعْزَماًكمقعد، أراد فعله، وقطع عليه).
والعزيمة : القصد المؤكد.
ومنه قوله جل وعلا: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}
وقوله سبحانه {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}

وقوله جل وعلا: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}

ومنه أيضاً قوله جل وعلا: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}.
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لأبي بكرٍSad(أخذت بالحزم)) ولعمرSad(أخذت بالعزم)) لما سألهما: متى يوتران ؟ فقال أبو بكر: أول الليل، وقال عمر: آخره؛ فقال لأبي بكر: ((أخذتَ بالحزم))، وقال لعمر: ((أخذتَ بالعزم)).
ومنه قوله جل وعلا: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}.

أولو العزم هم:
- نوح.
- وإبراهيم.
- وموسى.
- وعيسى.
- ومحمد عليهم الصلاة والسلام.

وتطلق العزيمة على: الحق والفرض. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: ((عزمةٌ من عزمات ربنا)). وضُبط ((عَزَمةً من عزمات ربنا))، بالنسبة للممتنع من أداء الزكاة، وإخراج الزكاة، قال عليه الصلاة والسلام في حقه: ((إنا آخذوها - يعني الزكاة - وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا)).
ومنه أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يُحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته)).
هذا حديث مشهور قد جاء عن جماعة من الصحابة، وقد رواه الإمام أحمد وغيره، ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته)).
وفي بعض ألفاظ هذا الحديث، لفظ حديث ابن عباس، وقريب منه حديث ابن مسعود: ((إن الله يجب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه)).

وتطلق العزيمة على الصبر والاحتمال.
ومنه قوله جل وعلا: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}.
وتطلق على القَسَم، ومنه: عزم على الرجل ليفعلن كذا، إذا أقسم عليه.
وتطلق على الرُقية أيضاً: يُقال: قرأ الراقي العزائم.
إلى غير ذلك من إطلاقاتها في اللغة.

أما تعريفها الشرعي: فإنها عُرفت بتعريفات كثيرة.

عُرّفت العزيمة شرعاً بأنها: حكم ثابت بدليل شرعي خالٍ عن معارض راجح.
وقيل: في تعريفها: إنها الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي.

وقيل: ما لزم بإيجاب الله تعالى.
ذكر التعريفين الأخيرين الموفق في (الروضة).
وقيل: إنها اسم لما شرعه الله تعالى لعامة عباده من الأحكام ابتداءً.
فالعزيمة في عرف أهل الشرع: حكم ثابت بدليل شرعي خالٍ عن معارض راجح.

وشمل هذا الأحكام الخمسة، لأن كل واحدٍ منها حكم ثابت بدليل شرعي:
فيكون في الحرام والمكروه على معنى الترك؛ فيعود المعنى في ترك الحرام إلى الوجوب.

وقوله في التعريف: (بدليل شرعي): هذا فيه الاحتراز عن الثابت بدليل عقلي، فإن ذلك لا يستعمل فيه العزيمة والرخصة.
وقوله: (خالٍ عن معارض) هذا احتراز عما ثبت بدليل، لكن لذلك الدليل معارض مساوٍ أو راجح.
لأن الدليل إذا كان مساوياً، تعارض هذا مع هذا، يلزم الوقف، وتنتفي العزيمة، ويبطل الترجيح الخارجي.
وإن كان راجحاً لزم العمل بمقتضاه وانتفت العزيمة وثبتت الرخصة.

ويتضح هذا بالمثال: الميتة ما حكم أكلها؟
محرم، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} نص القرآن.

لكن إذا اضطر الإنسان إلى أكلها هو بين أمرين:
إما أن يأكلها ويبقى حيّاً.
وإما أن لا يأكلها فيموت.
ما حكم أكله في هذه الحالة؟
واجب.
رخصة أو عزيمة؟
رخصة، وهي رخصة واجبة.

هل يجوز له أن يأكل ميتة عند عدم المخمصة، أو لا يجوز؟
لا يجوز، لأن الإنسان إذا أمكنه أن يستغني عنها لم يجز له، وإذا احتاج إليها وجب عليه.

فتحريم الميتة عند عدم المخمصة، التحريم في هذا عزيمة لأنه حكم ثابت بدليل شرعي خالٍ عن معارض راجح.

فإذا وجدت المخمصة حصل المعارض: بدليل التحريم، فهو راجح عليه حفظاً للنفس فجاز الأكل وحصلت الرخصة.
ومن الأمثلة على الرخص: وجوب الصلاة في المأمورات.
وكذلك وجوب الزكاة والصيام والحج.

وكذلك بالنسبة للمنهيات تحريم الربا والزنا، هذه كلها عزائم.

ومن العزائم الواجبة: وجوب النطق بكلمة الحق، كلمة الشهادة.
وكذلك وجوب الأركان الأربعة الباقية: (وجوب الصلاة) و(الصيام) و(الزكاة)- والحج، وما أشبه ذلك، هذه كلها عزائم.
وبعضهم يمثل على العزيمة المستحبة: ما نُدب إليه في الصلاة من لزوم حضور القلب، والخشوعفي الصلاة، وكذلك الندب الى صلاة الضحى.

ومن العزائم المكروهة: الكراهة،كراهة الالتفات في الصلاة؛ لأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وكذلك الأمثله على العزائم في الأشياء المباحة: جميع الأشياء التي دل الشرع على إباحتها: (كالأكل) و(الشرب) و(النوم) إلى غير ذلك.
وهذا بناءً على أن العزائم، شاملة للأحكام الخمسة، وهذه مسألة فيها خلاف:
لأن بعض أهل العلم يرى أنه لا يوصف الحكم بالعزيمة ما لم يقع في مقابلة الترخيص.
والجمهور من الأصوليين ذهبوا إلى أن جميع الأحكام الشرعية منحصرة في:
- الرخصة.
- والعزيمة.

فالأحكام الشرعية لا تخرج:
إما أن تكون رخصة، وإما أن تكون عزيمة، وليس لهما ثالث.
لكن هنا مسألة وهي: هل الأفضل للإنسان أن يأخذ بالرخصة أو يأخذ بالعزيمة؟
هذه المسألة فيها خلاف مشهور بين أهل العلم: اختلفوا في ترجيح الأخذ بالرخصة أو العزيمة.
والذين يرجحون الأخذ بالعزيمة يقولون إن العزيمة هي الأصل المتفق عليه المقطوع به، بخلاف الرخصة فإنها وإن كانت مقطوعاً بها، إلا أن سببها ظني: وهو المشقة، فلا يتحقق فيه القطع، بل هو موضع اجتهاد.

والذين يقولون بترجيح الأخذ بالرخصة وأن الأخذ بها أولى: في دين الله وشرعه، قالوا: لما فيه من اليسر الموافق لإرادة الله في التشريع.
كما في قوله جل وعلا: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
وفي الواقع أن الإنسان لا ينبغي له أن يتساهل في الرخص بل إذا وجد نفسه محتاجاً إلى هذه الرخصة أخذ بها.
وقد يجب عليه أن يأخذ بها، وقد يرى نفسه أنه غير محتاج وأنه غير داخل فيمن يترخص بهذه الرخصة فليس له أن يُدخل نفسه في هذا.
لأن بعض الناس ربما تساهل في أشياء كثيرة من الدين بحكم أو بحجة أن هذا قد رخص فيه بعض أهل العلم، وأن هذا ورد فيه كذا وكذا وتساهل، وربما جرّ لبعض الناس التساهل في هذا والترخص والأخذ بالرخص إلى أشياء لا تنبغي.

ولهذا يقول بعضهم: من تتبع الرخص تزندق.
وبعضهم يقول: من تتبع الرخص خلع ربقة التكليف من عنقه.

فالإنسان يستفت قلبه، وإن أفتاه الناس وأفتوه، ويأخذ بالحزم ولا يتساهل ويكون وسطاً في هذا. لا ينبغي له أن يتشدد لا يأخذ بشيء من الرخص فيخالف الشرع، ولا يتساهل حتى يؤدي به التساهل هذا إلى ما لا ينبغي.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:47 pm

2/ الإرادة

مفهوم الإرادة:
إن الإرادة الكاملة التامة هي لله سبحانه وتعالى، الذي وصف نفسه بأنه ((( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ))) [البروج:16] لا تحدث حركة ولا سكنة في الأرض ولا في السماء إلا بإرادته ومشيئته، ولو شاء عدم وقوعها لم تقع، فهذه هي إرادته الكونية القدرية التي لا بد من وقوعها، كما قال الله عز وجل: ((( فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا ))) [الكهف:82]، وقال: ((( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ))) [الإسراء:16].. ((( وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ))) [المائدة:41].. ((( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ ))) [الرعد:11] فمشيئته سبحانه وتعالى نافذة، إرادته نافذة؛ هذه الإرادة الكونية القدرية.
والإرادة الثانية: هي الإرادة الدينية الشرعية كما قال الله تعالى فيها: (((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ))) [النساء:27] ثم إن بعض الناس قد يسلكون سبيل التوبة فيتوب الله عليهم، وبعض الناس لا يسلكونها فلا يتوب الله عليهم، وقال الله: ((( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ))) [البقرة:185] وهذه أيضاً من الإرادة الدينية الشرعية، فلو كانت الإرادة هذه كونية لما حصل لواحد منا عسر أبداً، والخلط بين الإرادتين هو الذي يورد المهالك.


يقول الله تعالي: «مَنْ كَانَ يرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَي لَهَا سَعْيهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيهُمْ مَشْكُورًا» (الإسراء ١٨-١٩).

تأملوا قوله تعالي: «مَنْ كَانَ يرِيدُ الْعَاجِلَةَ» و«وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ»، فالكلام هنا عن مفهوم الإرادة، وجميع مَن في الأرض بهذا المعني مريدون: إما مريداً للدنيا وإما مريداً للآخرة ولله سبحانه وتعالي، ومن ثم فوجودنا وحياتنا ومصيرنا جميعاً في هذا الدنيا مرتبطة بما نحن نريد ونتوجه أو نقصد، وقد جعل الله تعالي مجرد إرادة الدنيا ووجهتها - في حد ذاتها ودون ذكر للسعي في تحقيق تلك الإرادة- سبباً في حصول الخسران والعذاب والغضب، ثم جعل تعالي من إرادة الآخرة - مقرونة بالسعي الذي يترتب علي هذه الإرادة- سبباً للفوز والسعادة.

فهل يكون ما يطلبه أحدنا ويريده من طيب الطعام واللباس والأثاث مما يدخل ضمن دائرة «إرادة الدنيا»، فيكون بذلك متعرضاً لغضب الله تعالي والخسران؟ ثم هل المقصود من «إرادة الآخرة» ألا يكون لنا نصيب في الدنيا أو صلة بها وبموجوداتها؟

لأنه إذا كان المقصود من الدنيا ما يتعلق بحياة الإنسان في الأرض، فإن ساداتنا وقدوتنا من الصحابة والتابعين والصالحين والصالحات قد أكلوا وشربوا ولبسوا من أطيبها وأزكاها، فأين وجه الذم؟

إن الذم المقصود هنا في إرادة الدنيا أمران: أولهما تعلق القلب، والثاني انشغال الجسد بما سبق أن تعلق به القلب. فالأمر الأول يعني أن يعيش الإنسان وليس له من هدف سوي التمتع في هذه الدنيا، إلي درجة أن يعيش لها، ثم ما يترتب علي ذلك من صرف الوقت والجهد والمال من أجل أن يعيش بها، فهو بداية وحقيقة لا يريد سوي الدنيا ومن ثم يكرس كل ما يملكه من جهد ووقت ومال ليعيش من أجلها، وهنا تأتي الإشكالية.

وهي إشكالية تتضح أبعادها وندرك نتائجها إذا ما تساءلنا عما هو أقصي ما يحتاج إليه الإنسان في هذه الدنيا حتي يحيا من أجلها؟ إن حقيقة ما يحتاجه كل إنسان- المسلم وغير المسلم والعاقل والمجنون والرجل والمرأة- لا يخرج عن ثلاثة: طعام يتقوي به بدنه، ولباس يستر به عورته، ومأوي له ومن يعول، إلا أن هناك فارقاً كبيراً بين من يأكل اللقمة وهو يريد منها أن يحافظ علي أمانة الجسد الذي ائتمنه الله عليه وبين من يأكلها لمجرد الاستمتاع ولذة الطعام.

فأقول لك: تمتع وتشه كما تشاء، لكن اجعل هذه اللقمة الطيبة التي ساقها الله لك مسبوقة بالنية في أن تستخرج معني الحمد لله تعالي من قلبك. ولهذا يذكرون أن الإمام علي - كرم الله وجهه ورضي عنه - سئل: هل تشرب الماء البارد أم الماء القراح؟ فأجاب بأنه يشرب الماء البارد، وذلك لأنه يستخرج الحمد من صميم القلب.

حقيقة الأمر أن المسألة هنا - وفي غيرها بالقياس- ترجع إلي الإرادة بين من يأكل طعاماً أو يلبس لباساً ونيته من هذا الحلال الذي أخذ به أن يستخرج معني الشكر لله تعالي خالصة من قلبه، وبين من قد يأكل نفس الطعام أو يلبس ذات اللباس لمجرد إرادة التمتع وأن يعيش في هذه الدنيا ولها. فالأول هو مريد للآخرة والثاني مريد دنيا وإن اجتمعا في وسائل التمتع بطيبات الحياة الدنيا. لأن السعي في الدنيا لا يضر الساعي إلا إذا اقترن هذا السعي بنوع «إرادة»، فلا ضير في أن يسعي الإنسان في طلب الدنيا لا للدنيا ولكن بإرادة الآخرة.

هل هناك إشكالية في أن يطلب الإنسان ويريد التمتع في هذه الدنيا فحسب؟ ليس الإشكال في أن يتمتع ولكن أن يطغيه هذا التمتع ويدفعه إلي أن يفرط في المقصد الذي يعيش من أجله، والتفريط في المقصد هو سبب ما نعاني منه من مشكلات وأزمات، ابتداء من الحسد والتباغض والقطيعة وانتهاء بإهدار مقدرات الأرض وصرفها عن دلالات التسخير والعمران إلي مضاداتها مما نحياه ونعرفه.

وإذا تأملنا النزاعات التي تقوم بين الدول، وبين طوائف الشعب في الدولة الواحدة، وبين الأرحام والأقارب، وفي داخل البيت الواحد والأسرة الواحدة، لوافقتموني في النهاية علي أن كل الإشكالات الكبري والإقليمية والمحلية والأسرية ترجع إلي نفس الإنسان، وأن السعادة والشقاء والغضب والرضا والطمأنينة والقلق مرجعها إلي نفس الإنسان، ولهذا لما أقسم الله تعالي بمظاهر الوجود من الشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض جعل منتهاها وخاتمتها القسم بالإنسان: «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا» ( الشمس ٧-٨)، مع جواب القسم هنا: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا» (الشمس ٩ ـ ١٠)، لأن هوي النفس إله يعبد من دون الله «أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيهِ وَكِيلًا» (الفرقان ٤٣).

إن الإنسان إذا ما تعامل مع متطلبات النفس ومتعها فحسب واستجاب لكل ما تريده، فإنه يقع في مشكلتين كبيرتين: الأولي أن مرادات النفس لا تنتهي، فإن أعطيتها شيئاً امتثالاً لأمرها هي طالبتك بالثاني والثالث والمزيد حتي لتصل إلي درجة تفقد معها التمتع بما كانت تشتهيه فتطلب شيئاً خارجاً عن إطار المألوف والمعقول، بل المنافي للفطرة الإنسانية السوية، فالنفس لا ترضي عنك مهما سعيت في رضاها، وكلما أرضيتها بشيء طالبتك بالمزيد.

والمشكلة الثانية في إشباع متطلبات النفس أنها متعة ولذة مؤقتة تنتهي بمجرد الإشباع مثلما تنتهي في الحياة الدنيا قبل الآخرة، فسعادة النفس الدائمة أمل غير قابل التحقق، والنفس إذا طغي هواها وغلبت شهواتها وسيطرتها علي الإنسان حالت بينه وبين حقائق التزكية وقادته إلي الخيبة والخسران.

بينما الذي ينتقل من مراد الدنيا إلي مراد الآخرة مريداً لله تعالي إذا تلذذ - من ناحية - بالطعام الذي أكله وحمد الله الذي رزقه وشهد المنة لله، فإنه يصل لذته وفرحه ومتعته بالله...لذة دائمة باقية عنده طوال حياته ببركة رزقه الطيب وشهود المنة لله، وحتي بعد مماته إذ يثاب ثمرة ذلك الحمد والشكر عند وقوفه بين يدي الله. ومن ناحية ثانية فإنه سيكون مالكاً لزمام نفسه لا مملوكاً لها تسيره كيفما أرادت، فتنبه لهذا الأمر وتيقن أن الذي يعيش وهو يتناول متع الدنيا المباحة لكنه مريد لله وليس للدنيا يعيش قوياً بالله مالكاً نفسه.

ولهذا فإن أول الطريق في السير إلي الله تعالي - وبداية سلسلة هذه المقالات -هو تصحيح النية، فإذا لم تصح النية لم يصح العمل، ومن لم يصحح نيته فإن كل أعماله فيها دخن ، وأمر العمل مقرون بالارتقاء بمستوي النية إلي المعني، الذي تتضاعف فيها الأعمال لصاحبها، ليجد الإنسان مراتب لم يكن قد عمل لها، لكن بسبب صدق النية في قلبه لارتقاء هذه المراتب يمكّنه الله تعالي منها، لأن الله مطّلع علي النيات.

وسائل تقوية الإرادة

أولاً: الإيمان بالله عز وجل وأسمائه وصفاته، وقضائه وقدره، والتوكل عليه، وحسن الظن به، والثقة بالله سبحانه. لاحظ الفرق بيننا وبين طرح مفهوم الإرادة عند الكفار وفي بعض كتب النفس، يقولون: أنت تستطيع أن تفعل أي شيء، تستطيع أن تفعل كل شيء، رددت وقلت: أريد وأريد وأريد وستفعل ذلك مهما كان، ونحن نقول: لا بد أن يوجد عندنا تصميم وعزم كما دعتنا الشريعة إلى ذلك، لكن لا بد أن نتوكل على الله، ونفوض أمرنا إلى الله مع العمل: (اعقلها وتوكل) أما الكفار يعقلون ولا يتوكلون، هذا هو الفرق بيننا وبينهم. ولذلك إذا فشل الواحد منهم تحطم وانهار وانتهى وربما انتحر أو أصيب بالجنون أو الأمراض العصبية، لكن المسلم يعمل وهو متوكل على الله فلو لم يستطع الوصول إلى مرامه ولا نجح فإنها فيصبر على قضاء الله سبحانه وتعالى.

ثانياً: التربية هي التي تدرب الشخص على مقاومة الأهواء والشهوات، وتربية الإرادة في نفسه هي التي تكبح جماح هذه الأهواء والشهوات، فالإنسان قد يفشل في المرة الأولى فينهار من أول مواجهة، لكنه بالتربية يصمد في المرة التي بعدها، نعم قد لا يستطيع الصمود إلى النهاية أو لا يصمد إلى النهاية ويسقط، لكن مع النصيحة والمتابعة والتوجيه وشد الأزر ومع الجو الطيب تتكون عنده الإرادة وتنمو الإرادة القوية التي تساعده في الوقوف أمام جيوش المعاصي والشهوات.

ثالثا: تحديث النفس بالشيء من طاعة الله، أو الانتهاء عن معصية الله، تحدث نفسك به باستمرار، وتتذكره بينك وبين نفسك، تأمل في حديث: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق) هذا الذي يموت على شعبة من النفاق، لو أنه كان يحدث نفسه بالغزو دائماً وقام قائم الجهاد ونادى المنادي للنفير فإنه سيكون مع الخارجين في سبيل الله؛ لأنه دائماً يحدث نفسه في هذا الشيء، ويذكر نفسه بهذا الشيء، ويردد على نفسه تلك الآيات والأحاديث المرغبة في هذا العمل. وكذلك لو أنه يريد أن تكون عنده إرادة في مقاومة شهوة من الشهوات، يردد على نفسه ويتذكر دائماً وباستمرار هاجسه الذي يقلقه والشيء الذي يتردد في نفسه حرمة هذه المعصية وعقوبة العاصي عند الله والعزم على عدم العودة، والندم على الفعل، هذا في النهاية سيوصله إلى إرادة قوية تمنعه من الوقوع في هذه المعصية.

رابعا: ممارسة العبادات، ويجب أن يكون على رأسها ذكر الله عز وجل، وقد ثبت بالدليل الصحيح أن ذكر الله تعالى يقوي القلب ويقوي البدن، وتأمل أبدان فارس والروم كيف خانتهم أحوج ما كانوا إليها وانتصر عليهم أولئك النفر من المؤمنين الذين لم يكونوا مثلهم في قوة الأجساد ولا في العدة والعتاد. إذاً: من المزايا التي أعطاها الله للذاكرين الله كثيراً والذاكرات قوة الإرادة والإيمان والقوة في القلب والبدن.
ثم من العبادات التي تقوي الإرادة: الصيام: فلا شك أن الصيام يقوي الإرادة؛ إرادة الصبر على الجوع والعطش والشهوة لأجل الله سبحانه وتعالى، فهناك عبادات واضح أثرها في تقوية الإرادة.

خامسا: عدم التردد والتحير والتلكؤ إذا ظهر لك رجحان الأمر شرعاً وأنه من طاعة الله، بل ينبغي عليك الإقدام والإسراع، ((( الذين يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ))) [الأنبياء:90]. ينبغي عليك أن تأخذ بجانب الحزم والعزم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل) وهذا في غزوة أحد حيث استشار القوم فأشار بعضهم بالخروج وأشار الآخرون بعدم الخروج فمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول الذين قالوا بالخروج من المدينة لملاقاة العدو ولبس لأمته، وكأن بعضهم ندم، قالوا: ربما أكرهنا النبي صلى الله عليه وسلم فراجعوه إذا كان يريد أن يقعد، يعني: ما عندهم مانع في ذلك، وهم يؤيدونه لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما دام اتخذ القرار ورأى فيه المصلحة الشرعية بعدما شاور ((( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ))) [آل عمران: 159] فقال: (ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل). وهذا درس في مسألة رد التحير والاضطراب والتردد ونبذ هذا الكلام والإقدام على الأمر بالحزم والعزم. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد علمنا هذا المفهوم في حديث مهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) طبعاً القوي في كل شيء؛ في إرادته، وفي دينه وإيمانه وبدنه ومهاراته وقدراته. (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) يعني: أقدم ولا تتردد.. لا تتحير.. لا تتخاذل.. لا تتكاسل، احرص على ما ينفعك؛ ما دام رأيت فيه المصلحة الشرعية. (واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء -بعد كل هذه الإجراءات- إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان).
إذاً: الإرادة القوية تقتضي الحزم والإقدام والجرأة والشروع في العمل، ولا للتردد والحيرة والاضطراب. وهذا الحديث رواه أحمد و مسلم .

سادسا: المبادرة بالأعمال قبل الأعراض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال) قد يأتيك فقر ينسي، وقد يأتيك غنىً يطغي، وقد يأتيك مرض يقعدك، وقد يأتيك الموت، فبادر بالأعمال الآن واشرع بها قبل فوات الأوان، قبل أن تجتمع عليك الحوادث، أو يأتي ما لا تظن وما لا تفكر فيه. وكذلك من عوامل تقوية الإرادة: أن يحافظ الإنسان على العمل وإن قل، فتشرع فيه ثم تحافظ عليه وإن قلت الأعمال (فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل). وكذلك: إذا فرغت من عمل فابدأ في عمل آخر وراءه مباشرة؛ هذا من الأمور المهمة في متابعة قوة الإرادة، والدليل على ذلك قول الله عزوجل: ((( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ))) [الشرح:7-8]، إذا فرغت من الصلاة فانصب للذكر، فليس إذا انتهى الإنسان من عمل يذهب ويلعب، إذا انتهى من الصلاة يذهب ويطلق هوى النفس يقول: الحمد لله صلينا الصلوات وأدينا الفروض فيمكننا بعد ذلك أن نذهب لمشاهدة الأفلام والمسلسلات ونلعب الورق، ((( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ))) [الشرح:7] ليس موجوداً عند هؤلاء، ولذلك تكون إراداتهم ضعيفة، وصحيح أنه يحافظ على بعض الأعمال الدينية كالصلاة مثلاً، أو الزكاة أو الصيام لكن في بقية أعمال الخير كسول متردد مسوف

سابعا: التفاؤل وعدم التشاؤم، فإن بعض الناس الذين عندهم نفسيات متشائمة ليست عندهم إرادات قوية؛ لأنه بمجرد ما يرى شيئاً يجلب لنفسه التشاؤم فيترك العمل، وتنتهي الإرادة، وتفتر وتتلاشى، كما أن بعضهم إذا ذهب يفتح الدكان فرأى رجلاً أعور تشاءم وقال: هذا يوم سوء سنخسر ثم أقفل الدكان ورجع، وإذا خرج له رقم مقعد (13) قال: هذا رقم سوء وشؤم، أكيد سيحصل لي حادث فيلغي السفر ويرجع، وهكذا بعض الناس يتشاءمون، ربما لو طنت أذنه اليسرى قال: هذا العمل لا بد من عدم الإقدام عليه، وهكذا. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التفاؤل، كان يتفاءل ويحب التفاؤل، وقال: (الطيرة شرك) لا يجوز التشاؤم؛ والتشاؤم يبطئ الهمة ويشتت القلب ويميت روح الإقدام.

الصبر والتحمل يقوي الإرادة
وعلى المسلم أن يتحامل على نفسه رغم الصعاب؛ وهذه من الأشياء التي تقوي الإرادة، كما قال الله عزوجل: ((( وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ))) [النساء:104] ففي غزوة أحد أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحق بالمشركين وفي المسلمين جراحات، وتعب شديد من المعركة ((( وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ))) (النساء) ثم على المسلم أن يتلقى الأحداث بالصبر وعدم الجزع عند المصيبة، أو الحزن على ما فات، وهذا -ولا شك- نابع من الإيمان بالقضاء والقدر، والله سبحانه قال: ((( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ))) [الحديد:22] من قبل أن نخلقها ونوجدها في الواقع هي مكتوبة في كتاب ((( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ))) [الحج:70] فائدة الإيمان بهذا المفهوم ذكرها الله تعالى فقال: ((( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ))) [الحديد:23].

صفات صاحب الارادة
1- التشبُّث والمثابرة: وهوتصميم الإنسان على النجاح، ويعني القدرة المتوازنة التي تختلف عن العناد الذي هو عجز وضعف.
2- السيادة على الذات و السيطرة على النفس وهو الاستعداد للسيطرة على العواطف والغرائز سيطرة حقيقية ناضجة
3- روح التصميم: وهي القيام بالعمل بسرعة، وبلا تردُّد أو اندفاع غير مسؤول.
4- روح المبادأة: وهي الاستعداد في الشروع لعمل جديد بلا تردُّد.
5- الهمة العالية و تحدى العوائق.

معوقات الارادة
1. الاندفاعية غير المسؤولة: وهو ما قد يُظن خطأً أنه شجاعة وتصميم في بعض الأحيان، ولكنه في الحقيقة ناتج عن ضعف داخلي.
2. ضعف الاهتمام والعجز عن العمل.
3. التعب المؤدي إلى الانهماك والوهن و هو الناتج عن تحميل النفس ما لا تستطيع.
4. التصلب الذهنى والعناد والمكابرة.
5. الشخصية الممزقة غير راسخة المبادئ و هى الشخصية الازدواجية التى من الممكن ان تحدث نتيجة التربية باساليب مختلفة او متناقضة.
6. الانفعالية او العصبية .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:47 pm

3/ الإشــــــــــفــــــــــاق

الإشفاق
هو دقة الخوف؛ أي الخوف الذي معه رحمة على من تخاف عليه, فهو شعور المؤمنين الصادقين حين يشفقون على أنفسهم من العذاب, ومن الطرد من رحمة الله سبحانه, شعورهم حين يشفقون على أنفسهم من غضب الله عز وجل ومن الحجاب عنه سبحانه, ومن تقلب القلوب.

قال الله سبحانه: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 49]، والإشفاق في الدنيا هو سبب للوقاية من العذاب يوم القيامة.

قال الله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ. فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 25ـ27]، والمؤمن يستشعر بالإشفاق دائمًا طول حياته, فيصاحبه الإشفاق في كل أحواله, وهو يشفق على نفسه من الهوى واتباعه, ويشفق على عمله أن يضيع, ويشفق على وقته أن يذهب سدى.

والشعور بالإشفاق لا يتم للمؤمن إلا وهو يخاف من ربه عز وجل حق الخوف, فيضطرب قلبه عند ذكر ربه لأنه يتوقع العقوبة منه على ذنبه, قال سبحانه: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].

والمؤمن إذا استشعر بالإشفاق, عظم عنده الذنب جدًا وصعب وحُببت إليه الطاعة وتيسرت, وكان مستفيدًا بوقته مستغلاً لكل دقيقة في القرب من ربه, مفتشًا عن عمله, حريصًا على أن يخرج عمله طاهرًا مخلصًا لا شائبة فيه.

فلئن يسر الله تعالى على عبد أن يعيش مشفقًا من عذاب ربه, فإنما ينعم عليه بنعمة طريقها منتهاه الجنة.

*** قال الله تعالى :
{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ. وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ. فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ. إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } .

• قال الإمام ابن كثير في تفسيره : أي: قد كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلنا خائفين من ربنا مشفقين من عذابه وعقابه،

{ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } أي: فتصدق علينا وأجارنا مما نخاف.

{ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ } أي: نتضرع إليه فاستجاب الله لنا وأعطانا سؤلنا، { إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }.

• قال إبراهيم التيمي رحمه الله : ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة ، لأنهم قالوا : الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن . وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة ، لأنهم قالوا : إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين


رزقنا الله الخوف والخشية من الله والإشفاق من عذابه، بمنه وكرمه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:47 pm

4/ حـــــســــــن الــــــظــــــن

ما أحوج مجتمعاتنا إلى الأخذ بحسن الظن سواء على المستوى الفردي أو بين الجماعات فنحن نواجه مشكلة في العلاقة بين الجماعات، كل جماعة تسيء تفسير تصرف الجماعة الأخرى، ولعل تصرفاً فردياً يصدر من أحد الأفراد فيحسب على الجماعة بأكملها وهذا غير صحيح، من أخطأ هو من يتحمل المسؤولية.

ترى من يحكم على عمل ما بأنه حسن ويدعمه بكل قوة ما دام من قام به شخص من دائرته، ولكن متى ما قام شخص ما بنفس العمل ولكنه من دائرة غير التي ينتمي إليها فالحكم هنا يكون بالعكس.

ينبغي على كل إنسان مؤمن عاقل أن يتجاوز هذه الحالة وينظر إلى الآخرين نظرة إيجابية، ولو جال في خاطره تصور خاطئ على شخص ما فعليه أن لا يبنيَ عليه موقفاً قد يضر أو يسيء به إلى الآخر، فذاك إثم وظلم نهى عنه الشرع القويم، ويرفضه العقل السليم.

ليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه من حسن الظن، فبه يسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس، وتكدر البال، وتتعب الجسد.

إن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع، فلا تحمل الصدور غلاًّ ولا حقدًا ، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا...".

وإذا كان أبناء المجتمع بهذه الصورة المشرقة فإن أعداءهم لا يطمعون فيهم أبدًا، ولن يستطيعوا أن يتبعوا معهم سياستهم المعروفة: فرِّق تَسُد ؛ لأن القلوب متآلفة، والنفوس صافية.

من الأسباب المعينة على حُسن الظن:
هناك العديد من الأسباب التي تعين المسلم على إحسان الظن بالآخرين، ومن هذه الأسباب:

1) الدعاء:
فإنه باب كل خير، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يرزقه قلبًا سليمًا.

2) إنزال النفس منزلة الغير:
فلو أن كل واحد منا عند صدور فعل أو قول من أخيه وضع نفسه مكانه لحمله ذلك على إحسان الظن بالآخرين، وقد وجه الله عباده لهذا المعنى حين قال سبحانه: { لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} [النور:12]. وأشعر الله عباده المؤمنين أنهم كيان واحد ، حتى إن الواحد حين يلقى أخاه ويسلم عليه فكأنما يسلم على نفسه: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور:61].

3) حمل الكلام على أحسن المحامل:
هكذا كان دأب السلف رضي الله عنهم. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً".
وانظر إلى الإمام الشافعي رحمه الله حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده، فقال للشافعي: قوى لله ضعفك، قال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني ، قال: والله ما أردت إلا الخير. فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير.فهكذا تكون الأخوة الحقيقية إحسان الظن بالإخوان حتى فيما يظهر أنه لا يحتمل وجها من أوجه الخير.

4) التماس الأعذار للآخرين:
فعند صدور قول أو فعل يسبب لك ضيقًا أو حزنًا حاول التماس الأعذار، واستحضر حال الصالحين الذين كانوا يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير حتى قالوا: التمس لأخيك سبعين عذراً.
وقال ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا ، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه.
إنك حين تجتهد في التماس الأعذار ستريح نفسك من عناء الظن السيئ وستتجنب الإكثار من اللوم لإخوانك:
تأن ولا تعجل بلومك صاحبًا .. ... .. لعل له عذرًا وأنت تلوم.

5) تجنب الحكم على النيات:
وهذا من أعظم أسباب حسن الظن؛ حيث يترك العبد السرائر إلى الذي يعلمها وحده سبحانه، والله لم يأمرنا بشق الصدور، ولنتجنب الظن السيئ.

6) استحضار آفات سوء الظن:
فمن ساء ظنه بالناس كان في تعب وهم لا ينقضي فضلاً عن خسارته لكل من يخالطه حتى أقرب الناس إليه ؛ إذ من عادة الناس الخطأ ولو من غير قصد ، ثم إن من آفات سوء الظن أنه يحمل صاحبه على اتهام الآخرين ، مع إحسان الظن بنفسه، وهو نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في كتابه: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32].
وأنكر سبحانه على اليهود هذا المسلك: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} [النساء:49].
إن إحسان الظن بالناس يحتاج إلى كثير من مجاهدة النفس لحملها على ذلك، خاصة وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولا يكاد يفتر عن التفريق بين المؤمنين والتحريش بينهم، وأعظم أسباب قطع الطريق على الشيطان هو إحسان الظن بالمسلمين.

رزقنا الله قلوبًا سليمة، وأعاننا على إحسان الظن بإخواننا.

نأمل من الله العظيم أن يوفقنا للتحلي بمكارم الأخلاق، التي ترقى بنا نحو الكمال، حتى نظهر بالوجه المشرق للإسلام.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:48 pm

5/ الـــــــــصــــــــــفــــــــــــح

قال تعالى {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} - سورة الحجر -

قال تعالى : { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} - سورة النور -

تسير بنا الأيام وتتشعب بنا الطرق وفي أتون هذا المركب تتزاحم المصالح وتتعدد الآراء وتضطرب الحياة حتى ليخيل للمرء أن حياته أصبحت لا تطاق. ومن خلال التعامل بين الناس والاحتكاك تتولد الخلافات وتتطور إلى صرا عات أوجدل لا فائدة منه. ويسود التدابر والتلاسن والتجريح بدلا عن الأخوة والود . ومع كل هذا فإن هذه أمور متوقعة غير أن التعامل معها بحكمة وروية يذيب كثيرا من الرواسب النفسية

من ذا الذي ما ساء قط *** *** ومن له الحسنى فقط

إن إنشغال المرء بالرد وإحصاء إساءات الآخرين يجعله يعيش في توتر وقلق مما يصرفه عن الأمور المهمة ودوره في هذه الحياة . لذا فإن منهج ( الصفح ) يعد الدواء الناجع والتصرف الأمثل للتعامل مع الناس ... إنه الصفح الجميل .

إننا بحاجة اليوم إلى هذا الخلق العظيم في بيوتنا ومدارسنا وفي كل مكان في مجتمعاتنا الإسلامية وإعلامنا .. في حواراتنا لم يعد للإنتقام مكانا.. لقد تكالبت الأمم وفرقتنا معاول الفرقة والخصومات وكأننا كما قال الشاعر:
جاء شقيق عارضا رمحه *** *** إن بني عمك فيهم رماح

قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في( فتح القدير) في تفسير قوله تعالى (( فاصفح الصفح الجميل)): {تجاوز عنهم واعف عفوا حسنا وعاملهم معاملة الصفوح الجميل }.

إن من ثمرات هذا المنهج والخلق العظيم:
- سمو النفس الإنسانية عن تتبع العثرات
- التحلي بروح الشفقة والإحسان للآخرين
- إنتشار المحبة والتماسك الإجتماعي
- إحياء وتعميم المنهج النبوي في التعامل

لنجعل هذا الأمر وسيلتنا لكسب القلوب وبه تتحقق الألفة والمحبة.

*** ففي الصفح الجميل عطاء للذي أساء إليك تصبر وتكظم غيظك وتعفو وتصفح ثم تحسن إليه بعطاء كما في قصة أبو بكر ومسطح عندما عفا عنه في حادثة الإفك وأستمر في عطاءه له { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }

وكان الإمام جعفر الصادق إذا أخطأ أحد عبيده أعتقه ومن شدة حلمه كان يطمع فيه الخدم.

قال محمود الوراق:

سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب ... وإن كثرت منه علي الجرائم

فالمؤمن الذي يتمنى ويأمل أن يكون الله معه غفوراً ورحيماً يجب أن يتخلق بهذا الخلق ويجعل العفو والصفح جزءاً لا يتجزأ من خلقه. لن يخسر الإنسان الذي جعل شيمته العفو والصفح أبداً في أي مرحلة من مراحل حياته. والذي يضع المستقبل نصب عينيه وهو يعيش حياته الحالية إنسان قد وهبه الله تعالى موهبة خاصة وحكمة.

لقد جاء الإسلام ليحارب نزوات الظلم والتسلط والإساءة إلى الغير و يتم مكارم الأخلاق ... أهمها حُسن التخلق والصفات النبيلة التي منها الصفح والعفو عن الإساءة والأذى.... والحلم وترك الغضب والانتصار للنفس..

والإنسان منا في حياته يلاقي كثيرا مما يؤذيه ويجرحه ... ولو ترك كل واحد نفسه وشأنها لترد الإساءة بمثلها لفسد الوضع واختلط الحابل بالنابل ...

ويجب علينا تدكر قوله تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } - سورة فصلت -

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:48 pm

6/ الإعـــــتـــــصــــــــام بالله

الاعتصام بالله عصمة للقلب، وملاذ للنفس، وطمأنينة للفؤاد، إذا كثرت بك الهموم، وحلّت عليك الغموم، فاعتصم بالحي القيوم، إذا اشتدت بك الكروب، وأظلمت أمامك الدروب فاعتصم بعلام الغيوب، إذا كثرت البدع، وظهر الشقاق، وانتفش النفاق، فاعتصم بحبل الخلاق، فليس لك من دونه من واق.

معنى الاعتصام:
الاستمساك بالشيء، وأصل العصمة: الحبل، وكل ما أمسك شيئًا فقد عصمه، وأعصم الرجل بصحابه إعصامًا إذا لزمه ولاذبه.

ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل ولا أحفظ ولا أسلم للمؤمن من الاعتصام بالواحد الأحد جل وعلا، فهل يُهُزم من اعتصم بجنابه؟ وهل يخاف من لجأ إلى محرابه؟ وهل يحرم من انطرح على أعتابه؟.

إن الاعتصام به جل وعلا حفظ للمرء، وصيانة للنفس، وحماية للدين، وأمن من المخاوف، وضمان من المخاطر، ونجاة من المهالك، ونصرة على الأعداء، وحرز من الألداء.

الاعتصام بالله تعالى نوعان: اعتصام بالله، واعتصام بحبل الله.

قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ ... [الحج: 78].
وقال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُو ﴾ ... [آل عمران: 103].

ومدار السعادة وآية الفلاح وطريق النجاة في الدنيا والآخرة هو في الاعتصام بالله والاعتصام بحبله.

والاعتصام بحبله يعصم من الضلال، ويحفظ من الهلاك، وحبل الله هو كتابه الكريم، ودينه القويم، وعهده المتين.

والاعتصام بالله تعالى هو: التوكل عليه والامتناع به والاحتماء به واللجوء إليه، فيورث ذلك حفظ العبد ودخوله في رحمة الله وحماية الله له من أسباب الشر، وكيد الأعداء، ومكر الشيطان، وشهوات النفس، ومضلات الفتن.
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾ ... [النساء: 175].

وانظروا الى هذا الحديث القدسي الرائع عن العبد المعتصم بالله

* عن رب العزة ... انه تعالى أوحى الى داود : ( وعزتى وجلالى مامن عبد يعتصم بى دون خلقي " أعرف ذلك من نيته " فتكيده السموات والأرض بمن فيها الا جعلت له من بين ذلك مخرجا ... ومامن عبد يعتصم بمخلوق دونى "أعرف ذلك من نيته " الا قطعت أسباب السماء بين يديه ، وأرسخت الهوى من تحت قدميه ... ومامن عبد يطيعنى الا وأنا معطيه قبل أن يسألنى ومستجيب له قبل أن يدعونى ، وغافر له قبل أن يستغفرنى . )

جعلنا الله واياكم من المعتصمين بالله في السراء والضراء وكل وقت.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:49 pm

7/ الــفــرح بــفــضــل الله

قال الله تعالى : ((( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون)))

*** قال العلامة ابن القيم: (هذه الآية في غاية الحسن فإن الله تعالى أمر عباده بالفرح بفضله ورحمته، وذلك تبع للفرح والسرور بصاحب الفضل والرحمة، فإنّ من فرح بما يصل إليه من جواد كريم محسن بر، يكون فرحه بمن أوصل ذلك إليه أولى وأحرى، قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والحسن وغيرهم فضل الله : الإسلام، ورحمته: القرآن، فجعلوا رحمته أخص من فضله فإن فضله الخاص عام على أهل الإسلام ورحمته بتعليم كتابه لبعضهم دون بعض، فجعلهم مسلمين بفضله وأنزل إليهم كتابه برحمته قال تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ).
وقال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - فضل الله: القرآن، ورحمته: أن جعلنا من أهله قلت - الكلام لابن القيم - يريد بذلك أن ههنا أمرين، أحدهما: الفضل في نفسه، والثاني استعداد المحل لقبوله كالغيث يقع على الأرض القابلة للنبات فيتم المقصود بالفضل وقبول المحل له و الله أعلم.

و الفرح لذة تقع في القلب بإدراك المحبوب ونيل المشتهى فيتولد من إدراكه حالة تسمى الفرح والسرور كما أن الحزن والغم من فقد المحبوب فإذا فقده تولد من فقده حالة تسمى الحزن والغم).

ويواصل العلامة ابن القيم في بيان أمر الفرح فيقول: (وذكر سبحانه الأمر بالفرح بفضله وبرحمته عقيب قوله: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين)، ولا شيء أحق أن يفرح العبد به من فضل الله ورحمته التي تتضمن الموعظة وشفاء الصدور من أدوائها بالهدى والرحمة فأخبر سبحانه أن ما آتى عباده من الموعظة التي هي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب؛ وشفاء الصدور المتضمن لعافيتها من داء الجهل والظلمة والغي والسفه؛ وهو أشد ألماً لها من أدواء البدن ولكنها لما ألفت هذه الأدواء لم تحس بألمها وإنما يقوى إحساسها بها عند المفارقة للدنيا فهناك يحضرها كل مؤلم محزن، وما آتاها من ربها الهدى الذي يتضمن ثلج الصدور باليقين وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه وحياة الروح به والرحمة التي تجلب لها كل خير ولذة وتدفع عنها كل شر ومؤلم، فذلك خير من كل ما يجمع الناس من أعراض الدنيا وزينتها، أي هذا هو الذي ينبغي أن يفرح به ومن فرح به فقد فرح بأجل مفروح به لا ما يجمع أهل الدنيا منها فإنه ليس بموضع للفرح لأنه عرضة للآفات ووشيك الزوال ووخيم العاقبة وهو طيف خيال زار الصب في المنام ثم انقضى المنام وولى الطيف وأعقب مزاره الهجران).

*** جاء الفرح في القرآن على نوعين مطلق ومقيد.
فالمطلق جاء في الذم كقوله تعالى: (لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) وقوله تبارك وتعالى: (إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ).

أما المقيد فنوعان:
(1) مقيد بالدنيا ينسي صاحبه فضل الله ومنته فهو “مذموم” كقوله عز من قائل: (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ).

(2) مقيد بفضل الله وبرحمته وهو نوعان:
(أ) فضل ورحمة بالسبب كقوله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
(ب) فضل بالمسبب كقوله عز وجل: (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).
فالفرح بالله وبرسوله وبالإيمان وبالسنة وبالعلم وبالقرآن من أعلى مقامات العارفين قال الله تعالى: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ).
فالفرح بالعلم والإيمان والسنة دليل على تعظيمه عند صاحبه ومحبته له وإيثاره له على غيره، فإن فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبته له ورغبته فيه فمن ليس له رغبة في الشيء لا يفرحه حصوله له؛ ولا يحزنه فواته.

الفرح تابع للمحبة والرغبة والفرق بينه وبين الاستبشار أن الفرح : “بالمحبوب بعد حصوله”، والاستبشار “يكون به قبل حصوله إذا كان على ثقة من حصوله” ولهذا قال تعالى: (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِم) و الفرح صفة كمال ولهذا يوصف الرب تعالى بأعلى أنواعه وأكملها كفرحه بتوبة التائب أعظم من فرحة الواجد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة بعد فقده لها واليأس من حصولها، والمقصود أن الفرح أعلى أنواع نعيم القلب ولذته وبهجته و الفرح والسرور نعيمه والهم والحزن عذابه و الفرح بالشيء فوق الرضى به فإن الرضى طمأنينة وسكون وانشراح و الفرح لذة وبهجة وسرور فكل فرح راض وليس كل راض فرحاً ولهذا كان “ الفرح ضد الحزن” “والرضى ضد السخط” والحزن يؤلم صاحبه والسخط لا يؤلمه إلا إن كان مع العجز عن الانتقام).

أفرح الله قلوبكم بالإيمان و بحبه عز وجل و حب نبيه المصطفى صلى الله عليه و سلم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:49 pm

8/ ســــــــلامـــة الـــقـــلـــب

قال تعالى : ((( إلا من أتى الله بقلب سليم )))
فلله أمر القلوب ما أعجبها ، وما أسرع أحكامها وتقلباتها ، وما أشد أثرها على حياة الناس وحركة العباد ، وسبحان من خلقها وجعلها ملوك الأبدان ومصرفة الأحكام بالميل والنوى والقرب و البعاد.

ألا وإن هدف الإنسان أن يحيا بقلب خال من العلل والأمراض ، بعيد عن الكآبات والأحزان ، ذلك أمل كل من له قلب يحيا به ويعيش.

والناس في ذلك ما بين صاحب قلبٍ سليم مُزاحِ العلل والأوضار الجسمية والروحية المانعة لتشرُّبِ نور الهداية (( فهو على نورٍ من ربه فويلٌ للقاسية قلوبهم )) ، وما بين معلول بقلبه قد أصابته بعض الأوجاع في الأوردة والشرايين وتحالفت عليه أمراض ثقال تدنيه من الضعف والموت .

وما بين صاحب قلب ميت قد أثخنته المعصية بالجراح حتى أدركه مثواه الأخير ، فصاحب هذا القلب يحتاج إلى من يعزيه ؛ لأنه صاحب بلوى ، قد مات الأمير المحرك لتصرفاته وشئونه ، والمصيبة أنه لا يشعر بذلك بل ولا يتصور – أصلاُ – أن له من هذا الكلام نصيب.

وهناك قلب مقارف العلل ، على شفا حفرة من التردي والسقوط ، فكل أعماله لا تنفع صاحبها ؛ لأنه حاله دائر بين القسوة والنفاق والحسد وغيرها من أمراض القلوب الفتاكة – وهذا هو معظم حال الناس – إلا من رحم الله تعالى.

فهذا القلب وأشابهه هو المعوّل عليه وهو الذي يجب الإسراع بإخراجه من الظلمات إلى النور ، والقيام بعملية إسعاف فورية قبل أن يضيع بالموت رغم أن من يحمله يسعى على قدمين .
وليبدأ الإنسان عملية الإصلاح الشاملة بالقلب ، إنه سيد الأعضاء والقيم عليها ومحركها وآمرها .

قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ( إن في الجسد مضغة لو صلحت لصلح الجسد كله ولو فسدت لفسد الجسد كله ألا وهي القلب ...) رواه البخارى (52) بسند صحيح عن النعمان بن بشير .

فإذا كان السيد أعوجا ُ فما حيلة العبيد ؟! والسيد هو القلب المسيطر بمشيئته على الجوارح والعبيد هم بقية أعضاء البدن .

ويوم القيامة ستنجلى القيمة العظمى للقلب السليم الذي سيذهب بكل حطام الدنيا الذاهب مع فنائها قال الله تعالى: (( يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلبٍ سليم )) [ الشعراء ] .

بركاتُ القلب السليم:
وهنيئا لمن داوم على إصلاح قلبه وتعهده بحسن الرعاية والمتابعة وحفظه من أغيار السوء التي تنكس أعلام فطرته وتجنح به إلى مهاوي السقوط .

إن المؤمن متى ما داوم على ذلك ضمن وراثة النعيم في جنات الخلود بل ويبشره النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بذلك فأول زمرة يدخلون الجنة ( لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم على قلب رجل واحد... ) البخاري ( 3245 ) بسند صحيح عن أبى هريرة.
وعنه أيضاُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير... ) مسلم (2840) بسند صحيح.

وذلك لأنهم جاهدوا على طريق الهداية وطهارة القلوب في الدنيا فكانت مكافأتهم من جنس أعمالهم ؛ أليس هم الذين طلبوا من ربهم ذلك؟.

قال الله تعالى : (( والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا )) [ الحشر].

هكذا كان حالهم في الدنيا ، وقد أكرمهم ربهم سبحانه بما طلبوه وتمنوه قال الله تعالى: (( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سررٍ متقابلين )) [ الحجر: 47 ] .
وصاحب القلب السليم يفوز بالنعت الجميل من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وذلك كما جاء في الحديث ( قيل يا رسول : أي الناس أفضل ؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان . قالوا : صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال : التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد ) المنذري في الترغيب ( 4/33 ) عن عبد الله بن عمرو بن العاص بسند صحيح .

ولا تزال طهارة القلب بالعبد حتى تكون سبباُ له في قبول أعماله الصالحة فإن الله تعالى يقبل العمل ما صاحبته نية صالحة.

أما أهل الشحناء والبغضاء فهم موقوفون عن القبول حتى يتم الصلح بينهم قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ( تعرض الأعمال كل اثنين وخميس فيغفر الله تعالى في ذلك لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئاً إلا امرءاً كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقول : أنظروا هذين حتى يصطلحا ) مسلم ( 2565) بسند صحيح عن أبي هريرة.

أمارات القلب السليم:
والقلوب لها أمارات بها تعرف وتظهر معادنها ومخبآتها ، والجسد هو المترجم الحثيث عن آمالها وظواهرها قال الشاعر :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعٍل اللسان على الفؤاد دليلاً
وقد يتذوق الناس طعم مشاعرهم بالإحساس ؛ ولكن هناك أمور ظاهرة وإشارات بادية يعرف أولوا الألباب من خلالها بعض الأسرار الباطنة التي تبدو أماراتها على العالم الخارجي في ظاهر البدن فتبوح عن القلوب بأسرارها .

وهكذا ؛ يمكن التعرف على بعض العلامات الخاصة بالقلب السليم التي منها:
- أنه مرتحل دائماً عن الدنيا حتى يحل بالآخرة وينزل إلى ساحاتها المرهوبة حتى يظن من يرى صاحب هذا القلب أنه من أبناء الآخرة وليس من أبناء الدنيا ، ويرى الناس من صفاته أنه جاء إلى الدنيا كالغريب الذي يمر بأرض قومٍ حتى يقضى حاجةً منها ثم يعود إلى قومه وأهله ووطنه.
قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك من أهل القبور ) البخاري ( 5037) .
فكلما صح القلب من مرضه واستقام وسلم من آفات الدنيا ترحل منها إلى الآخرة حتى يصير من أهلها ، وكلما مرض القلب واعتل آثر الدنيا وركن إليها واستوطنها ، وإحساس الغربة الآسر في نفس المؤمن هو الشعور الدال دوماً على سلامة قلبه وسمو فطرته ؛ لأن آماله تتلخص في الجنة ميراث أبيه الأول آدم عليه السلام :
فحي على جنات عدنٍ فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم
وحي على روضاتها وخيامها وحىّ على عيشٍ بها ليس يُسأمُ
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعــود إلى أوطاننا ونسلمُ ؟ .

- ومن أمارات سلامة القلب: أن صاحبه يحن إلى الطاعة ويهواها كما يشتاق الجائع إلى الطعام والظمآن إلى الماء والعليل إلى الدواء ؛ لأنه يرى في الطاعة راحة الروح وملء فراغاتها بعيداُ عن مواطن التهلكة.

- ومن أمارات سلامة القلب: أنه متعلق دائماً بربه ومولاه فهو يئرز إلى التوبة والإنابة ويتعلق بالله تعلق الحبيب بحبيبه ، فلا يرى راحة ولا فلاح ولا نعيم إلا برضى ربه وقربه والأنس به فيسكن إليه ويأوي إليه ويفرح به ويخافه ويرجو رحمته ويتوكل عليه ويدمن ذكره عند جلاّسه وفى نفسه.
فإذا حصل له ذلك اطمأن وزال اضطرابه وقلقه وانسد باب الفقر من عينيه وجاءت أعلام السلامة من كل سبيل .
قال بعض العارفين:
" مساكين أهل الدنيا ؛ خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها . قيل : وما هو ؟ قال : محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وطاعته".

وقال أبو الحسن الوراق : " سلامة القلب في ذكر الحي الذي لا يموت ، والعيش الهني: الحياة مع الله لاغير ".

- ومن علامات سلامة القلب: ذهاب الهم والغم وحصول الراحة مع الصلاة والصيام وسائر القربات .

- ومن العلامات أيضاً: أن صاحب القلب السليم يشح بوقته على الدنيا وتوافهها أشد من شح البخيل بماله . دارجاً عمره كله في ظلال قوله تعالى : (( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين )) [ الأنعام: 162] .

أمراض القلوب :
لو وُجه سؤالٌ إلى أحد من الناس عن أمراض البدن لعرفها وذكر منها : السكري ، والضغط ، والفالج ، والجلطات ، والعمى والسرطان ، والإيدز ، والطواعين.. وغيرها مما يشتهر بين الناس ولكن هل نحن على علم أو مجرد معرفةٍ بأمراض القوب؟.
خصوصاُ وأن القلب معرضٌ دائما لفيروس المرض المهلك والقاتل لإدراك هذا القلب.
روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداُ عوداُ فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : قلب أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض ، والآخرأسود مرباداً - مقحطا - كالكوز مجخياً - فارغا مقلوبا- لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراُ إلا ما أشرب من هواه ) ذكره الألبانى في صحيح الجامع ( 2960) بسند صحيح .

عوارض المرض:
ولكل مرض عارض يظهره ؛ فمرض اليد أن يتعذر عليها البطش ، ومرض اللسان أن يتعذر عليه النطق ، ومرض البدن أن يتعذر عليه حركته الطبيعية.
أما مرض القلب فهذا شيء آخر بحيث يتعذر عليه ما خلقه الله له من معرفته ومحبته والشوق إلى لقائه والإنابة إليه وإيثاره على كل شهوة وتذكره عند كل نعمة ونقمة.
يقول ابن القيم رحمه الله: " فلو عرف العبد كل شيء ولم يعرف ربه فكأنه لم يعرف شيئاً ، ولو نال كل حظٍ من حظوظ الدنيا ولذاتها وشهواتها ولم يظفر بمحبة ربه والشوق إليه والأنس به فكأنه لم يظفر بلذة ولا نعيم ولا قرة عين ".
قد يمرض القلب ويشتد مرضه وصاحبه لا يعرف ولا يشعر به ؛ لأنه مشغول عن ذلك ، بل قد يموت القلب – عياذاً بالله – وصاحبه لا يشعر بموته .

وعند التأمل في حياة كثير من الناس تجدهم أبعد شيء عن ربهم وعن الصدق معه وعن دينهم وعن القيام بمسئولياته ، ترى الذنوب والفواحش التي يستحي إبليس من تصورها ، ترى المعاصي على كل لون وبألف طريقة ، ترى الناس في غفلة وشرود ولهو وصد عن سبل الهدى والفلاح.

وما الرين وغلبة الهوى والقسوة وجمود العين وموت الضمير وعدم الندم على فعل المعصية وغير ذلك كله ما هو إلا صور تستجلب العبر من أمراض القلوب التي عمت بها البلوى وإلى الله المشتكى .
(( اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون * ما يأتيهم من ذكرٍ من ربهم محدثٍ إلا استمعوه وهم يلعبون * لاهيةُ قلوبهم )) ] الأنبياء: 1-3] .

كيف يتذوق الإنسان طعم الحياة بجسم متيقظ على الشهوات والمعاصي وبقلب مريض أو ميت ؟ بل كيف يتذوق طعم الإيمان وعنده هذه العوائق والعقبات ؟!
إن مرض القلب أو موته هو التفسير المنطقي لحياة كثير من البشر الذين استيقظت شهواتهم وماتت قلوبهم .
ومن الناس من يشعر بمرض قلبه ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء والصبر عليها.. وتارة يوطن نفسه علي الصبر ثم ينفسخ عزمه فيرجع عن الطريق ولا سيما عند قلة الرفيق وعند الوحدة فحاله يقول لو نطق : أذهب مع الناس حيث ذهبوا .. وهذه حال أكثر الخلق .

علامات مرض القلب :
وللقلب المريض علامات تميزه عن غيره ؛ منها :
- أن صاحب القلب المريض يعدل وينفر دائماً من الأغذية النافعة.. ولا أنفع للقلب من هدايات الدين المتمثلة في الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
فمن آنس من نفسه هذا المعنى فليوقن بأن قلبه فيه عطب حينما ينفر من أغذية القلب كحضور مجالس العلم وتلاوة القرآن وحلقات التعليم والمدارسة ، قال الله تعالى : (( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين )) [ الإسراء: 82 ] .
- أن صاحب القلب المريض لا تؤلمه جراحات المعاصي والقبائح التي يرتكبها ولا يزال يعمل القبيح ولا يرعوي ولا يتعظ إذا وُعظ فهذا قلب محروم من التوفيق بجراح القسوة .
- بل إن القلب المريض يجد صاحبه لذة في المعصية إذا عملها ويجد راحة بعدها ولا يلدغ ضميره شيء من الندم.
- أن صاحب القلب المريض يقدم الأدنى على الأعلى ويهتم بتوافه الأمور وينسى أغلاها ويقدم العاجلة على الآجلة ، والقلب أساساُ مثل الطائر كلما اقترب من الأرض وتسفل اقترب من الآفات وكلما علا بعد عن الآفات والمكاره .
- ومن علامات القلب المريض: أن صاحبه يكره الحق ويضيق صدره به وأسوأ منه من يجادل في ذلك !.
- ومن علامات القلب المريض: أن صاحبه يكره الصالحين ويتوحش منهم ويتألف أهل المعصية ويأنس بالمذنبين .

أسباب معينة على سلامة القلب :
وهناك من الأمور ما يعين الله به على المحافظة على القلب حتى يظل سليماً ؛ منها:
- الدعاءَ الدعاء : فهو باب من أبواب الراحة القلبية حينما يلجأ العبد إلى ربه ومولاه ؛ لأنه على يقين أنه ما بعد الدعاء إلا الإجابة .
قال الله تعالى : (( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )) [ البقرة: 186] .
وليكثر المؤمن من الدعاء بالثبات على الدين حيث كان صلى الله عليه وسلم يلهج دوماً بهذا الدعاء: ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) ( الترمذي ( 3522) عن أم سلمة بسند حسن.
وليستعن بالله تعالى في دفع خطرات السوء إذا هيجها الشيطان أو عوارض الدنيا وليقل مع الصحابة والصالحين (( ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا )) [ الحشر: 10] واسأل الله دوماً أن يعينك على قلبك .

- حسن الظن بالناس وعدم تفسير المواقف وحملها على الظن السيئ فقد قال الله تعالى: (( إن بعض الظن إثم )) [ الحجرات: 12] وقال تعالى: (( وذروا ظاهر الإثم وباطنه )) [ الأنعام: 120] .
دخل رجل على الإمام الشافعي وهو مريض فقال : قوى الله ضعفك يا إمام . فقال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني. قال الرجل : والله ما أردت إلا الخير . قال الشافعي: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير .

- الدفع بالحسنى: قال الله تعالى: (( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن )) [ فصلت: 34] وليس هذا من باب الضعف أو العجز ولكنه من الكياسة وحسن الخلق ، ثم إن ذلك يبعد الشبه التي تخطف القلب من صاحبه وتوقعه في شرك التخيلات الوهمية السامة .

- الهدية باب من أبواب صلاح القلوب بين أطراف المجتمع: فقد ورد قوله صلى الله عليه وسلم: ( تهادوا تحابوا...) أخرجه العرافي في هامش الإحياء ( 2/53) عن أبي هريرة بسند جيد.
فالهدية تذهب بسخائم القلوب وتعيد لها عافيتها ، وصدق من قال :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم لطالما ملك الإنسان إحسان .

وأخيراً:
تعهد قلبك بالرعاية ؛ لأنه متقلب ، واختبر مشاعره وأحاسيسه دوماً واصنع له متابعات دائمة من الاكتشافات المبكر للأمراض التي تحاول الاقتراب منه .

واعلم بأن القلب لا يمكن أن يحيا بلا قوت ولا غذاء ، فكما أن البقول والفواكه والمشروبات وغيرها أغذية الجسم فالطاعة والتعلم وصنوف العبادة وغيرها من أهم الأغذية النافعة للقلب .

واعلم بأن صاحب القلب المريض لا يرى الأشياء على حقيقتها ولا يرى الناس على حقيقتهم ولا يعرف الحياة على حقيقتها ؛ لأن العبرة ليست بنواظر العيون وإنما ببصيرة القلوب.

قال الله تعالى: (( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراُ من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون )) [ الأعراف: 179 ] .

ويقول أبو فراس :
تالله ما الأبصار تنفع أهلها إذا لم يكن للمبصرين بصائر
أما القلب الميت فنسأل الله له الرحمة..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:50 pm

9 / الـــــــمــــــعـــــــرفـــــــة

من العوامل في عمليّة تهذيب الأخلاق وترشيدها، هوالصعود بالمستوى العلمي والمعرفي للأفراد، فإنّ التجربة أثبتت أنّ الإنسان، كلّما ارتقي مستواه في دائرة العلوم والمعارف الإلهيّة، أينعت سجاياه الإنسانيّة، وتفتحت فضائله الأخلاقيّة، والعكس صحيح، فإنّ الجهل وفقدان المعارف الإلهيّة، يؤثر تأثيراً شديداً على دعامات واُسس الفضيلة، ويهبط بالمستوى الأخلاقي للفرد، في خطّ الإنحراف والباطل.

بعض الفلاسفة والعلماء، بالغوا في الأمر وإدعوا أنّ: "العلم يساوي الأخلاق".

وبعبارة اُخرى: أنّ العلم والحكمة والمعرفة، هي المنبع الرّئيسي للأخلاق، "كما نُقل عن سقراط الحكيم"، وأنّ الرّذائل الأخلاقيّة سببها الجهل.

فمثلاً المتكبّر والحاسد، إنّما ابتلي بهذين الرذيلتين، بسبب عدم علمه بواقع الحال، فلا توجد عنده صورةٌ واضحةٌ عن أضرارهما وتبعاتهما السلبيّة، على واقع الإنسان الدّاخلي، ويقولون أنّه لا يوجد إنسان يخطوخطوةً نحوالقبائح عن وعي وعلم بها.

وبناءً على ذلك، إذا تمّ الصّعود بالمستوى العلمي لدى أفراد المجتمع، فإنّ ذلك بإمكانه، أن يكون عاملاً مساعداً، لتشييد صرح الهيكل الأخلاقي السّليم في المجتمع.

وبالطّبع فإنّ هذا الكلام فيه نوع من المُغالاة والمُبالغة، ويُنظر للمسألة من زواية خاصّة، رغم أننا لا ننكر أنّ العلم يُعدّ من العوامل المهمّة لتهيئة الأرضيّة، وخَلقِ الأجواء الملائمة لِسيادة الأخلاق، بناءً على ذلك فإنّ الأفراد الاُميّين والجهلة، يكونون أقرب إلى منحدر الضّلالة والخطيئة، وأمّا العلماء الواعون، فيكونون على بصيرة من أمرهم ويبتعدون عن الرّذيلة، من موقع الوضوح في الرّؤية، ولا ننسى أنّ لكلّ قاعدة شَواذ.

وقد ورد في القرآن الكريم هذا المعنى، في بيان الهدف من البعثة: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الاُْمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَل مُبِين﴾(الجمعة:2).

وبناءً على ذلك، فإنّ النّجاة من الضّلال المبين، والطّهارة من الأخلاق الرّذيلة والذنوب، تأتي بعد تلاوة الكتاب المجيد، وتعليم الكتاب والحكمة، وهودليلٌ واضحٌ على وجود العلاقة والإرتباط بين الإثنين.

وهناك شواهد عديدة من الآيات القرآنية، حول علاقة العِلم والمعرفة بالفضائل الأخلاقيّة، وكذلك علاقة الجهل بالرذائل الأخلاقيّة، ونشير هنا بشكل مختصرٌ إلى عشرة نماذج منها:

1- الجهل مصدرٌ للفساد والإنحراف
نقرأ في الآية (55) من سورة الّنمل: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾.
فقرن هنا الجهل، بالإنحراف الجنسي والفساد الأخلاقي.

2- الجهل سبب للإنفلات والتّحلل الجنسي
ورد في الآية (33) من سورة يوسف على لسان يوسف عليه السلام، في أنّ الجهل قرينٌ للتحلل الجنسي، فقال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمّا يَدْعُونَني إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ﴾.

3- الجهل أحد عوامل الحسد
ورد في الآية (89) من سورة يوسف عليه السلام، أنّه عندما جلس يوسف عليه السلام على عرش مصر، وتحدّث مع إخوانه الذين جاءوا من كنعان إلى مصر، لإستلام الحنطة منه، فقال: ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾.
أي أنّ جهلكم هوالسبب في وقوعكم في أسر الحسد، الذي دفعكم إلى تعذيبه، والسّعي لقتله، والقائه في البئر.

4- الجهل مصدر التّعصب والعناد واللؤم
في الآية (26) من سورة الفتح، نرى أنّ تعصّب مشركي العرب في الجاهلية، كان بسبب جهلهم وضلالهم: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾.

5- علاقة الجهل بالذرائع
تاريخ الأنبياء مليءٌ بمظاهر التبرير، وخلق الذّرائع من قبل الأقوام السّالفة، في مواجهة أنبيائهم، وقد أشار القرآن الكريم مراراً إلى هذه الظاهرة، ومرًّة اُخرى يشير إلى علاقة الجهل بها، فنقرأ في الآية (118) من سورة البقرة: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
فالتأكيد هنا على أنّ عدم العلم والجهل، هوالذي يتولى خلق الأرضيّة للتذرع، وتبيّن الآية الكريمة، العلاقة الوثيقة بين هذا الإنحراف الأخلاقي مع الجهل، وكما أثبتته التجارب أيضاً.

6- علاقة سوء الظنّ مع الجهل
ورد في الآية (154) من سورة آل عمران، الكلام عن مُقاتلي اُحد: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾.
ولا شك في أنّ سوء الظّن، هومن المفاسد الأخلاقيّة، ومصدر لكثير من الرذائل الفردية والإجتماعيّة في حركة الواقع والحياة، وهذه الآية تبيّن علاقة الظّن بالجهل بصورة واضحة.

7- الجهل مصدر لسوء الأدب
ورد في الآية (4) من سورة الحجرات، إشارةً للّذين لا يحترمون مقام النبوة، وقال إنّهم قوم لا يعقلون: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾.
فقد كانوا يزاحمون الرّسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم، في أوقات الرّاحة، وفي بيوت أزواجه، ويُنادونه بأعلى أصواتهم قائلين: يا مُحَمِّد! يا مُحَمِّد! اُخرُجُ إلَينا.
فكان الرّسول صلى الله عليه واله وسلم ينزعج كثيراً من سوء أدبهم وقلّة حيائهم، ولكن حياؤه يمنعه من البوح لهم، وبقي كذلك يتعامل معهم من موقع الحياء، حتى نزلت الآية، ونبّهتهم لضرورة التأدّب أمام الرسول صلى الله عليه واله وسلم، وشرحت لهم كيف يتعاملون معه صلى الله عليه واله وسلم، من موقع الأدب والإحترام.

وفي تعبير: "أكثرهم لا يعقلون"، إشارة لطيفة للسّبب الكامن وراء سوء تعاملهم، وقلّة أدبهم وجسارتهم، وهوفي الغالب عبارةٌ عن هُبوط المستوى العلمي، والوعي الثقافي لدى الأفراد.

8- أصحاب النّار لا يفقهون
لا شك أنّ أصحاب النّار هم أصحاب الرذائل، والملوّثين بألوان القبائح، وقد نوّه إليهم القرآن الكريم، وعرّفهم بالجُهّال، وعدم التّفقه، ويتّضح منه العلاقة بين الجهل وإرتكاب القبائح، فنقرأ في الآية (179) من سورة الأعراف: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالاِْنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالاَْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ﴾.
فقد بيّنت هذه الآية وآيات كثيرةٌ اُخرى، العلاقة الوطيدة بين الجهل، وبين أعمال السوء وإرتكاب الرذائل.

9- الصبر من معطيات العلم
الآية (65) من سورة الأنفال، تنبّه المسلمين على أنّ الصّبر الذي يقوم على أساس الإيمان والمعرفة، بإمكانه أن يمنح المسلمين قوّة للوقوف بوجه الكفّار، الذين يفوقون المسلمين عدداً وعدّةً، تقول الآية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ﴾.
نعم فإنّ جهل الكافرين، هوالسبب في عدم إستطاعتهم في الصّمود بوجه المؤمنين، وفي مقابل ذلك فإنّ وعي المؤمنين هوالسّبب في صمودهم، بحيث يُعادل كلّ واحد منهم عشرة أنفار من جيش الكفّار.

10- النّفاق والفرقة ينشآن من الجهل
أشار القرآن الكريم في الآية (14) من سورة الحشر إلى يهود (بني النضير)، الذين عجزوا عن مُقاومة المسلمين، لأنّهم كانوا مُختلفين ومُتفرقين، رغم أنّ ظاهرهم يحكي الوحدة والإتفاق، فقال: ﴿لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَة أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ﴾.
وبناءً على ذلك فإنّ النّفاق والفرقة والتشتت، وغيرها من الرذايل الأخلاقيّة، الناشئة من جهلهم وعدم إطّلاعهم على حقائق الاُمور.

جملنا الله و إياكم بمكارم الأخلاق. اللهم علمنا ما ينفعنا و زدنا علما

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24214
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

موسوعة أخلاق القرأن Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة أخلاق القرأن   موسوعة أخلاق القرأن I_icon_minitimeالسبت يناير 07, 2012 3:50 pm

10/ الـــــــحــــــــيـــــاة

قد يبدو غريبا ان تكون " الحياة" حلقة في سلسلة " اخلاق القران" فالمقصود بالحياة ليس مجرد الحياة الحسية الذي هي ضد الموت اذ قد يراد بالحياة معنى مجازي على التشبيه لاصلاح النفوس بالحياة و العرب تقول عن الرجل صاحب الهمة و رقة الخلق انه حي القلب

وقد ذكر العلماء ان " الحياة" تستعمل على اوجه فقد يراد منها القوة النامية الوجودة في النبات والحيوان و من ذلك قيل نبات حي و قد يراد منها القوة الحساسة ومن هنا يسمى الحيوان حيوانا و على هذا جاء قول الله تعالى((( و ما يستوي الاحياء و لا الاموات ))) و يراد منها القوة العالمة العلقة و من هذا قوله((( او من كان ميتا فاحييناه )))

تحدث ابن القيم عن مراتب الحياة فبدا بحياة الارض بالنبات تليها حياة النمو و الاغتداء المشتركة بين الحيوان و النبات ثم حياة الاحساس والحركة تم حياة الحي الذي لا يغتدي بطعام او شراب كحياة الملائكة ثم حياة العلم من موت الجهل ثم حياة الارادة و الهمة و حياة الاخلاق و الصفات المحمودة التي هي راسخة للموصوف بها و كلما كانت هذه الاخلاق في صاحبها اكمل كانت حياة اتم واقوى و سائرالاخلاق الفاضلة تابعة لقوة الحياة و ضدها من نقصان الحياة و لهذا لما كان انبياء الله صلوات الله عليهم اكمل الناس حياة

الحياة عبارة عن الاستعداد القائم بجوهر الروح و النور و البصيرة لابد فيها من امرين سلامة حاسة العقل و طلوع نور الوحي و التنزيل و لهذا قيل ان النور في الاية يراد به القران او نور الين او نور الحكمة و الاقوال متقاربة قال الله تعلى ((( و كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الايمان و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ))) يقول الله تعالى ((( من عمل صالحا من ذكر او انثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون )))

و من الواضح ان المراد بالحياة ليس حياة الجسم و البدن و انما هي حياة القلب و الروح و الهمة تتوثق علائقها بالمعاني الاخلاقية و الروحية و من العلماء من يرى ان " الحياة الطيبة" يراد بها حياة الرزق الحسن

ان الاسلام دين حياة لا عقيدة انعزال دين ايجابي تنمو الحياة في ظله و ترتقي لانه يسبق خطى البشرية و يقودها في مدراج التعمير و الانشاء و التطور و الارتقاء انه نظام كامل لحياة كاملة و لسي مجرد عقيدة روحية للتهذيب و الارشاد انه ياخد من الحياة و يعطي و يدفع بالحياة الى الامام محكومة بنظامه الذي لم تعرف له البشرية نظيرا منذ كان الانسان.

لقد تحدث ابن القيم عن الوسائل التي تحقق الحياة الاخلاقية منها معرفة الله تعالى .. محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.... الاقبال على القران الكريم...استحضار صفات الله

شهود صفة " الحياة الكاملة" في الله الحي القيوم الذي لا تاخذه سنة ولا نوم

التقرب الى الله و الحذر من الانغمار في الشهوات و الملذات فان حياة القلب و الروح والبصيرة يضعفها هذا الانغمار و يقضي عليها

اللهم هبنا الحياة العليا و باعدنا عن الحياة الدنيا و أحيي قلوبنا بنورك يا نور السموات و الأرض.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
 
موسوعة أخلاق القرأن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة هل تعلم؟
» موسوعة أمراض العيون
» موسوعة المصطلحات الاقتصادية
» موسوعة مصطلحات التاريخ و الجغرافيا
» الكرم - روائع أخلاق الرسول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البسمة الدائمة :: المنتدى الإسلامي :: القرآن الكريم-
انتقل الى: