البسمة الدائمة
منتدى البسمة الدائمة
البسمة الدائمة
منتدى البسمة الدائمة
البسمة الدائمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
البسمة الدائمة

منتدى عام يحب رؤية البسمة على وجوه جميع الأعضاء
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المنتدى يمنع وضع الموسيقى ووضع الصور النسائية حتى لو كانت كرتونية في التواقيع والمواضيع والصور الرمزية والشخصية
المواضيع الأخيرة
» عيد مبارك
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2016 12:10 am من طرف امنية

» كريات اللحم المقلية مع البصل.
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 22, 2016 8:32 pm من طرف امنية

» تهنأةللناجحين
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:13 am من طرف هدوء

» خلق الله
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:12 am من طرف هدوء

»  سبب الكدب
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:10 am من طرف هدوء

» مملكة ابلا
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:09 am من طرف هدوء

»  عنكبوت البحر.
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:08 am من طرف هدوء

» سؤال و جواب
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:07 am من طرف هدوء

» طريقة تحضير ورق عنب باللحم
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 14, 2016 7:18 pm من طرف امنية

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
تصويت
ما رأيك بالمنتدى
جيد
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. Vote_rcap94% السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. Vote_lcap
 94% [ 34 ]
متوسط
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. Vote_rcap3% السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. Vote_lcap
 3% [ 1 ]
ضعيف
 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. Vote_rcap3% السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. Vote_lcap
 3% [ 1 ]
مجموع عدد الأصوات : 36

 

  السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
العصفورة
Admin
العصفورة


أحلى منتدى عندي : منتدى البسمة الدائمة
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 379
نقاط : 24939
السٌّمعَة : 31
تاريخ التسجيل : 04/08/2011

 السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. Empty
مُساهمةموضوع: السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية ..    السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية .. I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 28, 2011 2:56 pm

بيعتا العقبة:
بعد سنين طويلة قضاها النبي -صلى الله عليه وسلم- في جهاد دائم، وعمل متواصل لا يعرف الكلل ولا الملل، وهو يطوف على القبائل، مبلغًا دعوة ربه، ملتمسًا الحليف والنصير، ملاقيًا في سبيل ذلك صنوف الأذى والصد والإعراض، أراد الله إتمام أمره، ونصر دينه، وإعزاز نبيه، فكانت البداية ونقطة التحول الحاسمة، وبصيص النور الذي أطلَّ من بين ركام الظلمات، عندما قيض الله أولئك النفر الستة من أهل المدينة، فالتقى بهم -صلى الله عليه وسلم- في موسم الحج من السنة الحادية عشرة للبعثة، وعرض عليهم الإسلام، فاستجابوا لدعوته وأسلموا، وكان هذا الموكب أولَ مواكب الخير التي هيأت للإسلام أرضًا جديدة، وملاذًا أمينًا، حيث لم يكتف هؤلاء النفر بالإيمان، وإنما أخذوا العهد على أنفسهم بدعوة أهليهم وأقوامهم، ورجعوا إلى المدينة وهم يحملون رسالة الإسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


فلما كان موسم الحج من العام التالي جاء إلى الموسم اثنا عشر رجلًا من المؤمنين - عشرة من الخزرج واثنان من الأوس - فالتقوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند العقبة بمنى، وبايعوه البيعة التي سميت "بيعة العقبة الأولى"، وكانت بنود هذه البيعة نفس البنود التي بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليها النساء فيما بعد، ولذلك عرفت أيضًا باسم "بيعة النساء".


وقد روى البخاري في صحيحه نص هذه البيعة وبنودها في حديث عبادة بن الصامت الخزرجي -رضي الله عنه- وكان ممن حضر البيعة، وفيه: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لهم‏: ((تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه))، قال: ‏ "فبايعته"، وفي رواية: "فبايعناه على ذلك".


ثم بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم مصعب بن عمير، يعلمهم شرائع الإسلام، ويفقههم في الدين، ويقرؤهم القرآن، وينشر الإسلام في ربوع المدينة، فأقام -رضي الله عنه- في بيت أسعد بن زرارة يعلّم الناس ويدعوهم إلى الله، وتمكن خلال أشهر معدودة من أن ينشر الإسلام في سائر بيوت المدينة، وأن يكسب للإسلام أنصارًا من كبار زعمائها، كسعد بن معاذ، وأسيد بن الحضير، وقد أسلم بإسلامهما خلق كثير من قومهم، ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون.


وعاد مصعب -رضي الله عنه- إلى مكة قبيل الموسم التالي، يحمل بشائر الخير، ويخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بما لقيه الإسلام في المدينة من قبول حسن، وأنه سوف يرى في هذا الموسم ما تقر به عينه، ويسر به فؤاده، فكانت هذه البيعة من أهم المنعطفات التاريخية في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام.




وهاهنا عدد من الدلالات والمعاني المهمة:
أولًا: الحكمة الربانية والتدبير الإلهي لهذا الدين في أن يكون الذين يستجيبون للرسول -صلى الله عليه وسلم- ويدافعون عنه وعن دينه من خارج قريش ومن غير أهله وعشيرته، من أجل أن تقطع كل الشكوك حول طبيعة هذه الدعوة الجديدة ومصدرها وأهدافها، ولئلا يقع أي التباس بينها وبين غيرها من الدعوات والمطامع الدنيوية.


ثانيًا: أهمية وجود أرضية خصبة وسند قوي يحمي الدعوة ويحوطها ويحفظها من أن توأد في مهدها، ولذا كان -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على البحث عن قبيلة تسمح بنشر الدعوة بين ظهرانيها، وتعلن حمايتها لها؛ لأن الذين آمنوا به في مكة كانوا غرباء بين أقوامهم، وكانوا نُزَّاعًا متفرقين في القبائل، فكانوا بحاجة إلى ملاذ يفيؤون إليه، وقبيلة تدفع عنهم وتحميهم، وتمكنهم من نشر رسالتهم في العالمين، وهو ما فعله -صلى الله عليه وسلم-.


ثالثًا: أن اختيار الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمدينة وأهلها لحمل الرسالة، ونيل شرف النصرة لم يكن اعتباطًا، وإنما وقع الاختيار عليها؛ لأن المدينة كانت تعيش ظروفًا خاصة رشحتها لاحتضان دعوة الإسلام، فقد كان التطاحن والتشاحن بين الأوس والخزرج على أشده حتى قامت بينهم الحروب الطاحنة التي أنهكت قواهم، وأوهنت عزائمهم، كيوم بعاث وغيره، مما جعلهم يتطلعون إلى أي دعوة جديدة تكون سببًا لوضع الحروب والمشاكل فيما بينهم، ويمكن أن نلحظ ذلك من خلال قول أولئك النفر الستة: "إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك".


كما أن هذه الحروب كانت قد أفنت كبار زعمائهم وقادتهم، ممن كان نظراؤهم في مكة والطائف وغيرهما حجر عثرة في سبيل الدعوة، ولم يبق إلا القيادات الجديدة الشابة المستعدة لقبول الحق، أضف إلى ذلك عدم وجود قيادة بارزة معروفة يتواضع الجميع على التسليم لها، فكانوا بحاجة إلى من يأتلفون عليه، ويلتئم شملهم تحت ظله.


ومن المعروف أن اليهود كانوا يسكنون المدينة مما جعل الأوس والخزرج على اطلاع بأمر الرسالات السماوية بحكم الجوار، فكانوا اليهود يهددونهم بنبي قد أظل زمانه، ويزعمون أنهم سيتبعونه، ويقتلونهم به قتل عاد وإرم، ولذا فبمجرد أن وصلت الدعوة إليهم، قال بعضهم لبعض:‏ "تعلمون والله يا قوم، إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه".


رابعًا: أهمية معرفة الداعية والمربي لخصائص الناس وشخصياتهم، ومن يصلح منهم لهذه المهمة أو تلك، ندرك ذلك من خلال حسن اختياره -صلى الله عليه وسلم- لمصعب بن عمير للقيام بمهمة الدعوة ونشر الإسلام في المدينة، لما كان يمتاز به -رضي الله عنه- بجانب حفظه لما نزل من القرآن، من لباقة وهدوء وحكمة وحسن خلق، فضلًا عن قوة إيمانه وشدة حماسه للدين، ولذلك نجح أيما نجاح في دعوته، واستطاع أن يتخطى الصعاب والعقبات الكثيرة التي واجهته باعتباره أولًا نازحًا وغريبًا، وثانيًا يحمل رسالة جديدة تخالف ما عليه الناس، وتريد أن تنقلهم من موروثاتهم التي ألِفُوها، وألْفَوا عليها آباءهم وأجدادهم.


وهكذا مهدت هذه البيعة لما بعدها من الأحداث التي غيرت مجرى التاريخ، وكانت إيذانًا بأن عهد الذل والاستضعاف قد ولىّ إلى غير رجعة، وسيكون بعدها للإسلام قوته ومنعته، وستتوالى على مكة مواكب الخير، وطلائع الهدى والنور التي هيأها الله لحمل رسالته وتبليغ دعوته، والعاقبة للمتقين.


بعدها شعر المسلمون الجدد في المدينة بمعاناة إخوانهم في مكة، وهم في مدينتهم سادة ممتنعون عن الأذى والضيم، ومع ذلك يؤذى رسولهم، ويلاحق في جبال مكة وشعابها، ويهان أصحابه، فرحل إلى مكة سبعون رجلًا من أهل المدينة، حتى قدموا في موسم الحج، وواعدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يلتقوا به في شعب العقبة، ولندع أحد النقباء يحدثنا عن هذه البيعة المباركة، وما وقع فيها من مواقف عظيمة، حقها أن تكتب بماء الذهب.


يقول كعب بن مالك -رضي الله عنه-، فيما رواه الإمام أحمد في مسنده: "فنمنا تلك الليلة وهي الليلة الثانية من أيام التشريق مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل، خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نتسلل مستخفين تسلل القطا، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلًا، ومعنا امرأتان، نسيبة بنت كعب، وأسماء بنت عمرو بن عدي، قال: فاجتمعنا بالشِّعب ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له، فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب أول متكلم، فقال: "يا معشر الخزرج: إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، وهو في عزِّ من قومه، ومنعة في بلده"، قال: فقلنا قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت، فتكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلا، ودعا إلى الله -عز وجل-، ورغب في الإسلام، وقال: ((أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم)) الألبانى فقه السيرة 149 .، فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: "نعم، والذي بعثك بالحقِّ، لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنحن أهل الحروب، وأهل السلاح ورثناها كابرًا عن كابر"، فاعترض قول البراء وهو يكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل، فقال: "يا رسول الله، إن بيننا وبين اليهود حبالًا وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله، أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟"، قال: فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: ((بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم)) الألبانى فقه السيرة 149.


ثم تكلم العباس بن عبادة الأنصاري، مؤكدًا البيعة في أعناق الأنصار فقال: "يا معشر الخزرج، هل تدرون علامَ تبايعون هذا الرجل؟"، قالوا: نعم، قال: "إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم إذا أنهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلًا، أسلمتموه فمن الآن، فهو والله خزي في الدنيا والآخرة إن فعلتم، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكه الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير في الدنيا والآخرة"، فأجاب الأنصار: "نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، ابسط يدك يا رسول الله لنبايعك"، فبسط يده فبايعوه.


ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أَخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم))، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، وكان أول من أخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البراء بن معرور، ثم تتابع القوم على المبايعة، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ارفعوا إلى رحالكم))، قال: فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: "والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلنّ على أهل منى غدًا بأسيافنا"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لم أؤمر بذلك))، وطلب منهم الانصراف إلى رحالهم، وقد سمعوا الشيطان يصرخ منذرًا قريشًا، قال: فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش، حتى جاؤنا في منازلنا، فقالوا: يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، والله إنه ما من العرب أحد أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينه منكم، فسكت المسلمون، وانبعث من هنالك من مشركي قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه وقد صدقوا لم يعلموا ما كان منا. [الهيثمي مجمع الزوائد 45/6] .


ولكن قريشا تيقنت خبر البيعة فخرجوا عليهم يظفرون بأهل يثرب ولكنهم لم يدركوا منهم إلا سعد بن عبادة، فكتفوه وعادوا به إلى مكة يضربونه ويجرونه من شعره، ولم يخلصه من بين أيديهم إلا المطعم بن عدى الذي أجاره فعاد إلى يثرب.


وهكذا تمت بيعة العقبة الثانية وتقرر فيها أن يهاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون إلى يثرب على أن يقوم الأنصار بحمايتهم ونصرتهم، وأصبح أمر الهجرة محققًا ولكنها مسألة وقت فقط.


هذه هي بيعة العقبة الثانية وتلك هي أحداثها، تكاد تتفجر بأمثلة الشجاعة والبطولة، ولو ذهبنا نتأمل بعض المواقف فيها لأصابنا العجب من عظمتها وجلالتها، ولنبدأ:
أولًا: بموقف النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكيف عرض دعوته بكلمات موجزة صافية صريحة من غير لبس أو غموض، ومن غير أن يقدم على قبولها أي عرض دنيوي، فلم يعدهم بملك أو سلطان، أو حتى مال يخفف به عنهم ضخامة الحمل الذي سيحملونه، بل ربطهم بالآخرة عندما سألوه ما لنا؟ قال: الجنة، حتى يتحقق فيهم كمال التجرد في قبول هذه الدعوة وتحمل تبعاتها، وفهم الصحابة -رضوان الله عليهم- هذا الدرس جيدًا، وأن في قبولهم هذه الدعوة معاداة العرب والعجم، وسخط الأحمر والأسود من الناس، وقطع علائقهم وعلاقاتهم، ومع ذلك أقدموا، وهنا تتجلى البطولة في الثبات على المبادئ رغم عظم الضريبة التي سيدفعونها، فقبلوا هذه البيعة لله -عز وجل- صافية نقية، فلله درها من بيعة، ولله درهم من رجال.


ثانيًا: كانت هذه البيعة العظمى بملابساتها وبواعثها وآثارها وواقعها التاريخي فتح الفتوح؛ لأنها كانت الحلقة الأولى في سلسلة الفتوحات الإسلامية التي تتابعت حلقاتها في صور متدرجة مشدودة بهذه البيعة، منذ اكتمل عقدها بما أخذ فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عهود ومواثيق على أقوى طليعة من طلائع أنصار الله، الذين كانوا أعرف الناس بقدر مواثيقهم وعهودهم، وكانوا أسمح الناس بالوفاء بما عاهدوا الله ورسوله عليه من التضحية، مهما بلغت متطلباتها من الأرواح والدماء والأموال، فهذه البيعة في بواعثها هي بيعة الإيمان بالحق ونصرته، وهي في ملابساتها قوة تناضل قوى هائلة، تقف متألبة عليها، ولم يغب عن أنصار الله قدرها ووزنها في ميادين الحروب والقتال، وهي في آثارها تشمير ناهض بكل ما يملك أصحابها من وسائل الجهاد القتالي في سبيل إعلاء كلمة الله على كل عالٍ مستكبر في الأرض حتى يكون الدين كله لله، وهي في واقعها التاريخي صدق وعدل، ونصر واستشهاد، وتبليغ لرسالة الإسلام.


ثالثًا: إن حقيقة الإيمان وأثره في تربية النفوس تظهر آثارها في استعداد هذه القيادات الكبرى لأن تبذل أرواحها ودماءها في سبيل الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يكون لها الجزاء في هذه الأرض كسبًا ولا منصبًا ولا قيادة ولا زعامة، وهم الذين أفنوا عشرات السنين من أعمارهم يتصارعون على الزعامة والقيادة، إنه أثر الإيمان بالله وبحقيقة هذا الدين عندما يتغلغل في النفوس.


رابعًا: يظهر التخطيط العظيم في بيعة العقبة، حيث تمت في ظروف غاية في الصعوبة، وكانت تمثل تحديًّا خطيرًا وجريئًا لقوى الشرك في ذلك الوقت، ولذلك كان التخطيط النبوي لنجاحها في غاية الإحكام والدقة فهناك:
- سرية الحركة والانتقال لجماعة المبايعين حتى لا ينكشف الأمر، فقد كان وفد المبايعة المسلم، سبعين رجلًا وامرأتين، من بين وفد يثربي قوامه نحو خمسمائة، مما يجعل حركة هؤلاء السبعين صعبة، وانتقالهم أمرًا غير ميسور، وقد تحدد موعد اللقاء في ثاني أيام التشريق بعد ثلث الليل، حيث النوم قد ضرب أعين القوم، وحيث قد هدأت الرِّجْل، كما تم تحديد المكان في الشعب الأيمن بعيدًا عن عين من قد يستيقظ من النوم لحاجة.
- وهناك أيضًا الخروج المنظم لجماعة المبايعين إلى موعد ومكان الاجتماع، فخرجوا يتسللون مستخفين، رجلًا رجلًا، أو رجلين رجلين.
- وكذا هناك ضرب السرِّية التامة على موعد ومكان الاجتماع، بحيث لم يعلم به سوى العباس بن عبد المطلب الذي جاء مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتوثق له، وعلي بن أبي طالب الذي كان عينًا للمسلمين على فم الشِّعب، وأبو بكر الصديق الذي كان على فم الطريق وهو الآخر عينٌ للمسلمين، أما من عداهم من المسلمين وغيرهم فلم يكن يعلم عن الأمر شيئًا، وقد أمر جماعة المبايعين أن لا يرفعوا الصوت، وأن لا يطيلوا في الكلام؛ حذرًا من وجود عين يسمع صوتهم، أو يجس حركتهم.
- ومن ضروب التخطيط متابعة الإخفاء والسرية حين كشف الشيطان أمر البيعة، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرجعوا إلى رحالهم ولا يحدثوا شيئًا، رافضًا الاستعجال في المواجهة المسلحة التي لم تتهيأ لها الظروف بعد، وعندما جاءت قريش تستبرئ الخبر، موه المسلمون عليهم بالسكوت، أو المشاركة بالكلام الذي يشغل عن الموضوع.
- وأخيرًا اختيار الليلة الأخيرة من ليالي الحج، وهي ليلة الثالث عشر من ذي الحجة، حيث سينفر الحجاج إلى بلادهم ظهر اليوم التالي وهو اليوم الثالث عشر، ومن ثم تضيق الفرصة أمام قريش في اعتراضهم أو تعويقهم إذا انكشف أمر البيعة، وهو أمر متوقع وهذا ما حدث.
وعودٌ على المواقف العجيبة في هذه البيعة المباركة:


خامسًا: كانت البنود الخمسة للبيعة من الوضوح والقوة بحيث لا تقبل التمييع والتراخي، إنه السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في اليسر والعسر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام في الله لا تأخذهم فيه لومة لائم، ونصر لرسول الله وحمايته إذا قدم المدينة.


سادسًا: سرعان ما استجاب قائد الأنصار دون تردد البراء بن معرور، قائلًا: والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحرب، وأهل السلاح، ورثناها كابرًا عن كابر، فهذا زعيم الوفد يعرض إمكانيات قومه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقومه أبناء الحرب والسلاح، ومما تجدر الإشارة إليه في أمر البراء أنه عندما جاء مع قومه من يثرب قال لهم: "إني قد رأيت رأيًا، فوالله ما أرى أتوافقوني عليه أم لا؟"، فقالوا: وما ذاك؟ قال: "قد رأيت أن لا أدع هذه البنية يعني الكعبة مني بظهر، وأن أصلي إليها"، فقالوا له: "والله ما بلغنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي إلا إلى الشام ببيت المقدس، وما نريد أن نخالفه"، فكانوا إذا حضرت الصلاة صلوا إلى بيت المقدس، وصلى هو إلى الكعبة، واستمروا كذلك حتى قدموا مكة، وتعرفوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس مع عمه العباس بالمسجد الحرام، فسأل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- العباسَ: ((هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل))، قال: "نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك"، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الشاعر؟))، قال: "نعم"، فقصَّ عليه البراء ما صنع في سفره من صلاته إلى الكعبة، قال: "فماذا ترى يا رسول الله؟"، قال: ((قد كنت على قبلة لو صبرت عليها))، قال كعب: "فرجع البراء إلى قبلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصلى معنا إلى الشام، فلما حضرته الوفاة أمر أهله أن يوجهوه قبل الكعبة، ومات في صفر قبل قدومه -صلى الله عليه وسلم- بشهر، وأوصى بثلث ماله للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقبله ورده على ولده، وهو أول من أوصى بثلث ماله".


ويستوقفنا في هذا الخبر عدد من الأمور منها:
- الانضباط والالتزام من المسلمين بسلوك رسولهم وأوامره، وأن أي اقتراح مهما كان مصدره يتعارض مع ذلك يعتبر مرفوضًا، وهذه من أولويات الفقه في دين الله، تأخذ حيزها من حياتهم وهم بعد ما زالوا في بداية الطريق.
- ومنها: أن السيادة لم تعد لأحد غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن توقير أي إنسان واحترامه، إنما هو انعكاس لسلوكه والتزامه بأوامر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهكذا بدأت تنـزاح تقاليد جاهلية لتحل محلها قيم إيمانية، فهي المقاييس الحقة التي بها يمكن الحكم على الناس تصنيفًا وترتيبًا.


سابعًا: كان أبو الهيثم بن التيِّهان صريحًا عندما قال للرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن بيننا وبين اليهود حبالًا وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله، أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟"، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم))، وهذا الاعتراض يدلنا على الحرية العالية التي رفع الله تعالى المسلمين إليها بالإسلام، حيث عبر عمَّا في نفسه بكامل حريته وكان جواب سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- عظيمًا، فقد جعل نفسه جزءًا من الأنصار والأنصار جزءًا منه، وهذا شرف للأنصار ما بعده شرف.


ثامنًا: في اختيار النقباء دروس مهمة، من ذلك: - أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعين النقباء، إنما ترك طريق اختيارهم إلى الذين بايعوا، فإنهم سيكونون عليهم مسؤولين وكفلاء، والأولى أن يختار الإنسان من يكفله ويقوم بأمره، وهذا أمر شوري، وأراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمارسوا الشورى عمليًّا من خلال اختيار نقبائهم.
- وأيضًا: التمثيل النسبي في الاختيار، فمن المعلوم أن الذين حضروا البيعة من الخزرج أكثر من الذين حضروا البيعة من الأوس، ثلاثة أضعاف من الأوس بل يزيدون، ولذلك كان النقباء ثلاثة من الأوس وتسعة من الخزرج.
- وأيضًا: جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- النقباء مشرفين على سير الدعوة في يثرب، حيث استقام عود الإسلام هناك وكثر معتنقوه، وأراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يشعرهم أنهم لم يعودوا غرباء لكي يبعث إليهم أحدًا من غيرهم، وأنهم غدوا أهل الإسلام وحماته وأنصاره.


تاسعًا: تأكد زعماء مكة من حقيقة الصفقة التي تمت بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- والأنصار، فخرجوا في طلب القوم فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو، وكلاهما كان نقيبًا، فأما المنذر فأعجز القوم، وأما سعد فأخذوه، فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله، ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه ويجذبونه بجمته، وكان ذا شعر كثير، واستطاع أن يتخلص من قريش بواسطة الحارث بن حرب بن أمية وجبير بن مطعم؛ لأنه كان يجير تجارتهم ببلده، فقد أنقذته أعراف الجاهلية، ولم تنقذه سيوف المسلمين، ولم يجد في نفسه غضاضة من ذلك، فهو يعرف أن المسلمين مطاردون في مكة، وعاجزون عن حماية أنفسهم.


عاشرًا: في قول العباس بن عبادة بن نضلة: والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلنّ على أهل منى غدًا بأسيافنا، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم))، في هذا درس تربوي بليغ، وهو أن الدفاع عن الإسلام، والتعامل مع أعداء هذا الدين ليس متروكًا لاجتهاد أتباعه، وإنما هو خضوع لأوامر الله تعالى وتشريعاته الحكيمة، فإذا شُرع الجهاد فإن أمر الإقدام أو الإحجام متروك لنظر المجتهدين بعد التشاور ودراسة الأمر من جميع جوانبه، وكلما كانت عبقرية التخطيط السياسي أقوى أدت إلى نجاح المهمات أكثر، وإخفاء المخططات عن العدو وتنفيذها هو الكفيل بإذن الله بنجاحها، ولذا قال لهم: ((ولكن ارجعوا إلى رحالكم)).


الحادي عشر: كانت البيعة بالنسبة للرجال ببسط الرسول -صلى الله عليه وسلم- يده، وقالوا: له ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه، وأما بيعة المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولًا، فما صافح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة أجنبية قط، فلم يتخلف أحد في بيعته -صلى الله عليه وسلم- حتى المرأتان بايعتا بيعة الحرب وصدقتا عهدهما، فأما نسيبة بنت كعب فقد سقطت في أحد، وقد أصابها اثنا عشر جرحًا، وقد خرجت يوم أحد مع زوجها زيد بن عاصم بن كعب ومعها سقاء تسقي به المسلمين، فلما انهزم المسلمون انحازت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانت تباشر القتال، وتذب عنه بالسيف، وقد أصيبت بجراح عميقة، وشهدت بيعة الرضوان، وقطع مسيلمة الكذاب ابنها إربًا إربًا فما وهنت وما استكانت، وشهدت معركة اليمامة في حروب الردة مع خالد بن الوليد فقاتلت حتى قطعت يدها وجرحت اثني عشر جرحًا.
وأما الثانية فهي أسماء ابنة عمرو من بني سليمة قيل: هي والدة معاذ بن جبل، وقيل: ابنة عمة معاذ بن جبل -رضي الله عنهم جميعًا-.
الثاني عشر وأخيرًا: عندما نراجع تراجم أصحاب بيعة العقبة الثانية من الأنصار في كتب السير والتراجم، نجد أن هؤلاء الثلاثة والسبعين قد استشهد قرابة ثلثهم على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعده، ونلاحظ أنه قد حضر المشاهد كلها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرابة النصف، فثلاثة وثلاثون منهم كانوا بجوار الرسول -صلى الله عليه وسلم- في جميع غزواته، وأما الذين حضروا غزوة بدر فكانوا قرابة السبعين.


لقد صدق هؤلاء الأنصار عهدهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنهم من قضى نحبه ولقي ربه شهيدًا، ومنهم من بقي حتى ساهم في قيادة الدولة المسلمة وشارك في أحداثها الجسام بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبمثل هذه النماذج قامت دولة الإسلام، النماذج التي تعطي ولا تأخذ، والتي تقدم كل شيء ولا تطلب شيئًا إلا الجنة، ويتصاغر التاريخ في جميع عصوره ودهوره أن يحوي في صفحاته أمثال هؤلاء الرجال.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://selma.forumalgerie.net
 
السيرة النبوية .. بيعة العقبة الأولي والثانية ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مصطلح السيرة.. أصله اللغوي وحقله الدلالي
» الاحاديث النبوية
» من السنة النبوية
» الاحاديث النبوية مرتبة
»  ضرورة الإهتمام بالسيرة النبوية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البسمة الدائمة :: المنتدى الإسلامي :: الحديث والسيرة النبوية-
انتقل الى: